
عن الغربة، ومعاناة النساء، والحياة في كولومبيا، تكتب أسماء جمال عبد الناصر أربع قصائد بديعة، هي أحدث إنتاجها الأدبي.
أسماء جمال عبد الناصر
إهداء للغياب
..
الأيام تمُر
أطالع صور شهر
بل شهرين؟… إلا قليلًا
أين كنت؟ وكيف أصبحت؟
«وحدن بيبقوا»؟
نعم ولا.
.
أطالع ذات تركتها
هناك..
تركتها فأبت أن تتركني؛
أضبط نفسي
تتأمل ما خِلتني تجاوزته:
«وبدِّل قلبي ده بقلبك.. وبعدها غِيب»
غناها أحدهم مؤخرًا وترك صداها يتردد في أذني.
.
لغات تتصارع في رأسي
شخوص ومشاعر متواترة
تتجسد في كل ما ومن حولي
أحاول إعادتها إلى ما أخاله مُستقرها
فينسجم إيقاعها في نهاية اليوم.. وأغفو.
.
في صباح تالِ
يعيدني مطرب غائب للتراك
للطريق … «في دايرة الرحلة»،
وديوان صديق على منضدة السرير،
تربيتته على كتفي في الصورة وكلماته،
وذكريات فيسبوك لرسالة قديمة له ولي،
وأحاديث مُطوَّلة وقصيرة مع الأخِلَّاء الأقربين،
يؤكدون جميعًا
أن المكسور
والمُهشَّم
وما يتغير سمته
أحيانًا
بإمكانه إن أراد ..
أن يعود أقيَم من نسخته الزائلة،
وأن بعض السوائل
من شأنها المساعدة على الالتئام
إن أطلقنا لها العنان.
.
كم يومًا عليَّ إحصاؤه؟
كم صورة سأطالعها قبل أن أهديها للغياب؟
كم ترجمة عليِّ تحسينها.. هنا والآن
لضمان كتابة واستقبال نصي هذا على أكمل وجه؟
تاء … تروما
كلما رأيت أحدهم يتهكم
على عنف تعرضت له إحداهن
(جسديًا كان أم معنويًا)
استدعيته
(بصُحبة التروما التي أثارها لتوِّه)
أجلسته أمامي
كممت فمه،
قيدت مِعصميه،
كبّلت قدميه،
ربما يشعر بها أفضل الآن.
لا، لن ألكم وجهه
فقط، سأطرح عليه بعض الأسئلة:
– أفزِعت يومًا لمَرأى فَم سروال مفتوح بلعاب يسيل
ليريك ما يخفيه الناس في ظهيرة شارع عمومي ؟
– أداعَبَت يدٌ خِصرك في حافلة للنقل العام دون إذنك؟
– أتغزَّل أحد بك بعبارات أو لمسات خادشة
شَككتك في ما أنت عليه: قريب، غريب، حبيب؟
– أتسير بحمولة حكايات متواترة عن جسدك كقنبلة موقوتة؟
– هل جربت أن تصير حلقة في سلسلة من الأذى،
لم تخترها ولا مجال للفرار منها؟
– هل لديك رصيد كاف للكفر بالأوطان؟
مررنا بذلك كله… وأكثر
أما أنت، فلست مُقيدًا بشيء.. حتى بسماعي،
يمكنك مواصلة طريقك الآن
انتهت القصيدة
سلام.
بداية ونهاية
يسألني سائق السيارة عن رحلتي، وعن سبب وجودي ها هنا،
ثم ينكأ الجرح:
– ألم تكسري قلب أحدهم بسفرك هذا؟
تهزمني اللغة المنطوقة، ويسعفني سينيكا بعدها بأيام:
«الأحزان الصغيرة ثرثارة، أمّا عظيمها فأبكم”.
ربما لطمأنينة كهذه خلقت الكتابة،
ربما لذلك في بيتنا ثلاث يرقات في أطوار مختلفة،
تصف لي باولا كيف طافت فراشة بالبيت في أحد الصباحات ثم ولَّت،
يخبرها الطالع أن حياة قديمة تحتضر،
وتُرينا اليرقات أن أخرى بصدد البدء.
بالأمس أقبل عليَّ مُدَرِّس الشِّعر،
دنا مني، ونظر في عيني، وسألني أن أحضر قصيدة لي في الأسبوع القادم، أن أقرأها بالعربية ثم بالإسبانية،
تُري أي نص أود مشاركته؟ أأجتر نصًا مُعتَّقًا أم أقص عليهم حكاية اليرقات الوليدة؟
Emotional Lag
*1*
في الطائرة أدندن أغنية حزينة أحبها:
🎵🎶
“Lo que construimos se acabó… se lo lleva el viento
وأعيد الترجمة بتصرف في عقلي:
“ما بنيناه “اكتمل”
(لم ينته كما تقول الأغنية)..
وحملته الريح” 🎵🎶
أتذكرها بشجنِ صوتِ سارة محتضنة جيتارها،
بينما تضرب على أوتار قلبي.
بصحبة أسى عابر للقارات.
.
*2*
أغفو
فتتسرب الأغنية إلى لاوعيي
🎵🎶*”Yo no aprendí a soltar amores… Yo no aprendí a dejarte ir
“لم أتعلم أن أفلت الأحبة… لم أتعلم أن أتركك ترحل” 🎵🎶
في الحلم
حبيب مكث في قلبي طويلًا قبل أن يُطلق سراح نفسه.
في الحلم
لي بيت، يزورني فيه…
بيت جديد ما زلت أتعرف إليه.
.
*3*
🎵🎶
Fue solo nuestro… ”
Fue solo nuestro*
“كان لنا وحدنا…
كان لنا وحدنا 🎵🎶
في الواقع
أحمل ندوبي على كاهلي أينما حللت..
في الواقع
جسدي بيتي…
محل إقامتي الدائم في كل منفى اختياري جديد.
في حقائب ظهري
أحمل هوياتي المتجددة
وخذلانات (إثر حماسات في غير محلها)
أخبئها في الجيوب السرية.
.
*4*
🎵🎶
“Pareciera que es más fácil dejarnos… pero eres un fantasma conmigo caminando”*
“كان الأسهل أن نترك بعضنا… لكنك شبح يشاركني المشي 🎵🎶
لمَ يعود إلى أحلامي إذن بعدما حلَّق بعيدًا؟
وما المثير المُتسبِب في هذا الـEmotional Lag؟
أذكّر نفسي أن الدراما التي عشناها معًا تحميني الآن،
فكلما طرق أحدهم (ولو دون قصد) موضع الألم،
تضيء أجراس أمانيَّ:
تا تا تا..
إنذار جديد…
أنتِ على مشارف نكءِ الجرح يا حلوة!
أُطمئن نفسي:
صرتُ أفضل هنا والآن،
جاء مُعلمًا،
مُرشدا مُستترًا..
يتجلى أوقات ارتكاب الحماقات بحق الروح.
*5*
🎵🎶
Eras una apuesta de largo plazo*”
كنت رهانًا طويل الأمد” 🎵🎶
في المنفى الطوعي
يؤلمني هدر الوقت،
في المنفى الطوعي
تؤلمني المشاعر المُجهِضة،
والخسارات المُستحقة:
ود لم يُحزَن عليه،
حزن مُتنصل منه،
توق غير مُشبع،
وفقد متكرر..
يؤلمني الحب يوم يوُلد..
ويوم يموت..
ويوم يُبعث حيًا.
.
*6*
🎵🎶
“Esto que nos duele
Aunque nos duele, es solo nuestro”
هذا الذي يؤلمنا …
رغم أنه يؤلمنا .. هو لنا .. وحدنا” 🎵🎶
تنانين أفكاري تعيد تدوير الأحداث والمشاعر،
فيلد غضبي -على مهل- أجنة مُقلمة الأظافر،
أحيانًا تستحيل صرخات العتاب ونيران الشوق
قلوبًا وفراشات مختلف ألوانها
وأحيانًا سهامًا ونيران
تطيش من فمي
في المواجهات.
ما جدوى الضغط على نفس الأزرار
لإعادة إعمار ما رُمم من قبل وتهدم مُجددًا؟
🎵🎶
Lo que construimos*”
Lo que construimos
ما بنيناه…
“ما بنيناه …؟ 🎵🎶
ما زلت أخفق في ترجمة ما آل إليه.
الأغنية المُظللة (Lo que construimos) للمطربة المكسيكية ناتاليا لافوركادي Natalia Lafourcade
والنسخة المُشار إليها بأداء سارة ضيف الله
