كل ما تريد معرفته عن متحف قطر الوطني

تقرير المحررين

 

يعد متحف قطر الوطني أحد أعظم العجائب في عالم المتاحف. عندما تم افتتاحه في العام 2019  أشادت مجلات الهندسة المعمارية بالمبنى الذي تبلغ تكلفته 434 مليون دولار وتقدر مساحته بـ 430,000 قدم مربع، صممه المهندس المعماري جان نوفيل الحائز على جائزة بريتزكر. الأقراص المنحنية والتقاطعات الدرامية والزوايا الكابولية - التي وصفها ديفيد بيلشر في صحيفة نيويورك تايمز: "كما لو أن أكواب الشاي في رحلة Mad Tea Party في ديزني لاند قد خرجت عن السيطرة" - مستوحاة من وردة الصحراء. تستغرق هذه المعادن المتبلورة الشبيهة بالزهور، المنحوتة بفعل الرياح والملح والماء والرمال، آلاف السنين لتخرج من أحواض الملح الضحلة تحت تربة قطر.

يتكون مبنى المتحف الشهير من أقراص متشابكة ذات أقطار وانحناءات مختلفة تحيط بالقصر التاريخي الذي تم ترميمه بعناية للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني (1880-1957)، نجل مؤسس قطر الحديثة.

يضم متحف قطر الوطني 11 صالة عرض دائمة، تم ترتيبها ترتيبًا زمنيًا، بدءًا من الفترة التي سبقت سكن البشر لشبه الجزيرة العربية وحتى يومنا هذا. يتم سرد قصة تطور المملكة وتطورها على نطاق واسع، من خلال المعروضات التي تشمل القطع الأثرية والتراثية والمجوهرات والكنوز الأخرى، وكذلك المخطوطات والوثائق. يتم عرض الأعمال الفنية المكلفة خصيصًا جنبًا إلى جنب مع نماذج مخصصة صممها الحرفيون، والقوارب والمباني والمواقع الأثرية، والحيوانات والكائنات البحرية.

ترافق مقاطع الفيديو والأفلام المعروضة على الجدران والأسطح المنحنية مقاطع صوتية مبهرة توفرها أنظمة الصوت متعددة القنوات ومنصات الصوت الرقمية ومكبرات الصوت الذكية المخفية. تستخدم بعض صالات العرض روائح مميزة لتعزيز قصص المعروضات.

في المعرض المخصص لـ"تكوين قطر"، يعرض فيلم البدايات  (2018)، للمخرج كريستوف تشيسون، لرواد المتاحف إعادة تصور للتكوينات الجيولوجية في قطر وأشكال الحياة المبكرة، مثل قطراسبيس ديبروفونديس، وهو نوع من الأسماك المدرعة. كما يتم عرض الحفريات والنباتات القديمة في المعرض من سبع فترات زمنية مختلفة.

من المعارض الدائمة الأخرى في متحف قطر الوطني معرض "البيئات الطبيعية في قطر"، الذي يضم نماذج ومعروضات عن النباتات والحيوانات المحلية، من المها العربي والقط الرملي إلى العقرب الأصفر وقرش الحوت الذي يبلغ طوله تسعة أمتار. في الفيلم المتنوع  الأرض والبحر (2017) ، يظهر تشيسون، الذي شارك في الإخراج مع المخرج الأسطوري جاك بيرين، سربًا من الطيور بعرض 50 مترًا يملأ السماء، بينما تسبح مجموعات الأسماك في البحار الزرقاء العميقة.

على جدار المعرض المخصص لعلم الآثار في المملكة، أعيد بناء المنحوتات الصخرية القديمة من جبل الجساسية والقصار . يجمع فيلم علم الآثار  (2017)، للفنانة العراقية البريطانية جنان العاني، بين المناظر الجوية والصور المقربة المعقدة للأشياء من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر البرونزي وما بعده.

تنتقل مجموعة متحف قطر الوطني ببراعة من البلد إلى الشعب. فعلى سبيل المثال، يتضمن معرض "الحياة في البر"  بيت الشَّعر، وعروضًا لنسج السدو ، ومجموعات من أواني الطبخ. في العرض الصوتي المبهر لهذا المعرض، يمكن سماع الشعر الذي يتم تلاوته. الرائحة النفاذة لتخمير القهوة باقية في الهواء. أخرج المخرج المالي الموريتاني المولد عبد الرحمن سيساكو فيلم الحياة في البر (2017) للكشف عن الدورة اليومية للحياة الصحراوية. تم إدراج فيلم آخر من أفلامه، الزبارة (2017)، في المعرض المخصص للحياة على الساحل الشمالي الغربي للبلاد، والذي يتميز بنموذج واسع النطاق لموقع الزبارة الأثري، أول موقع للتراث العالمي لليونسكو في قطر.

 

في أواخر القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كان ميناء الزبارة المسور، الذي أسسه تجار الكويت، بمثابة بوابة لبقية شبه الجزيرة العربية ولأماكن أبعد، مثل الهند وغرب آسيا وشرق إفريقيا. ازدهر الميناء من خلال التجارة والغوص بحثًا عن اللؤلؤ، وهي الأنشطة التي كانت أساسية لتشكيل وتطوير إمارات مستقلة صغيرة على طول شبه الجزيرة. وقد نشأت هذه خارج الإمبراطوريات العثمانية والأوروبية والفارسية، وأدت في النهاية إلى ظهور دول الخليج الحديثة.

في معرض "الحياة على الساحل"، يستكشف فيلم "نفس" للمخرجة الهندية الأمريكية ميرا ناير عام 2014 مصاعب صيد اللؤلؤ. ويضم معرض آخر بعنوان "اللؤلؤ والاحتفالات" أحد الكنوز الوطنية في قطر؛ سجادة بارودا اللؤلؤية. التي صنعت بتكليف من مهراجا بارودا خاندي راو جايكواد في العام 1865، تتوهج سجادة بارودا اللؤلؤية ببريق أكثر من 1.5 مليون لؤلؤة من الخليج، بالإضافة إلى الزمرد والماس والياقوت.

منذ القرن العشرين، مثل النفط ثروة بالنسبة إلى المملكة مثل اللؤلؤ. بعد اكتشافه في العام 1939 في جبل دركان على الساحل الجنوبي الغربي لقطر، أصبحت دولة صحراوية ذات كثافة سكانية منخفضة نقطة جذب للقوى العاملة من جميع أنحاء العالم. تم التقاط هذا التحول الحي من خلال The Coming of Oil (2017)، لفنان الفيديو دوغ أيتكين، وهو فيلم تركيبي انطباعي يعرض باتساع 360 درجة.

تم تخصيص معرض آخر لبناء وتطوير العاصمة القطرية، الدوحة، من العام 1972 إلى العام 2013، في عهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، يليه ابنه الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني. يُعرض نموذج خشبي قطره 5 أمتار للدوحة مع جدار تفاعلي متعدد المستخدمين، يمكن زوار المتحف من استكشاف الصور الأرشيفية المتعلقة بتنمية البلاد على مدى أربعين عامًا. ويوضح كيف أن عائدات النفط والغاز الطبيعي المسال جعلت التنمية الحضرية الدراماتيكية في الدوحة ممكنة.

كما يضم المعرض فيلم تاريخ شفهي عن الأمير الوالد من إنتاج المخرجة المغربية العراقية البريطانية تالا حديد والمخرجة القطرية روضة آل ثاني والمخرجة الفنية أمل آل ثاني، إلى جانب تركيب فني بالفيديو حول الغاز الطبيعي المسال. يتم عرض Alchemy بشكل دائم، وهو عمل لجون سانبورن، على 30 شاشة عالية الدقة.

تختتم الجولة الداخلية للمتحف بمعرض "قطر اليوم" الذي يسلط الضوء على إنجازات الأمير الحالي والتحديات التي واجهتها البلاد خلال الحصار المفروض على قطر في العام 2017.

في الخارج، على أرض متحف قطر الوطني الواسعة، توجد الأعمال الفنية العامة بتكليف من الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني. وتشمل هذه: علم المجد، وهي مجموعة من الأيدي الموحدة تحمل علم قطر، للفنان العراقي أحمد البحراني. في طريقهم، أربعة جمال بدوية للفنان الفرنسي روش فاندروم؛ وبوابات البحر، المستوحاة من النقوش الصخرية، الفن الصخري القديم، الموجودة في الجساسية.

مقعد السلام، في سوق البراحة الخارجي بالمتحف، مصنوع من الألومنيوم القابل لإعادة التدوير بنسبة 100٪، وقد تم تكليفه للاحتفال بمرور 50 عامًا على التعاون الصناعي بين قطر والنرويج، في العام 2019. قامت مجموعة المهندسين المعماريين والمصممين النرويجية Snøhetta و Vestre بتصميم وتصنيع المقعد ، الذي تم منحه للمتحف من قبل مركز نوبل للسلام وشركة Hydro النرويجية. يمكن العثور على النسخة الأولى من المقعد خارج مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك.

متحف قطر الوطني هو مستودع للتاريخ والفن والتكنولوجيا والثقافة. فهو لا يتحدى تصورات زوار قطر فحسب، بل يمنح الناس الذين يعيشون في المملكة فهمًا أكبر للعالم من حولهم، والتعاون الملهم بين البشر والطبيعة على مدى آلاف السنين.