فوضى: المسلسل الإسرائيلي شديد العنف يرقى إلى مستوى اسمه بينما يختلق نشاطًا سخيفًا في بلجيكا ولبنان، لدرجة أن بعض تفاصيل السيناريو نكات سيئة حقًا.
بريت كلاين
يبدأ الموسم الرابع من فوضى بسلسلة من الانفجارات، في عملية سطو على بنك فاشلة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية. ومن عملية السطو الفاشلة تظهر وحدة مارقة تابعة لفرع الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية، غير معروفة لمدير الفرع، متورطة في الإعداد لأنشطة إرهابية واسعة النطاق. وهذا يعني هجمات صاروخية على إسرائيل واغتيالات مستهدفة لشخصيات من الشاباك، بما في ذلك وحدة "مستعربيم" السرية التي ظهرت في المواسم الثلاثة الأولى من فوضى.
الجميع أكبر سنًا وأكثر شيبًا الآن، الكثير من الشخصيات المحبوبة أو المكروهة مثل دورون والكابتن أيوب ونوريت وستيف وساغي عادت إلى العمل، ولكن على الجانب الفلسطيني، لا توجد وجوه مألوفة يمكن التعرف عليها. تجري معظم الأحداث في الحلقات ال 12 في جنين، وهو أمر مشروع، حيث كانت جنين ونابلس المجاورة رأس الحربة للكثير من التمرد العنيف ضد الاحتلال الإسرائيلي لعدة سنوات حتى الآن، بما في ذلك الهجمات المنظمة والمنفردة على كل من الجنود والمدنيين، وغالبًا ما يكونون مستوطنين.
ولكن في هذا الموسم من "فوضى" (يستخدم الكلمة العديد من المتحدثين باللغة العربية بشكل فضفاض لتعني فوضى أو "بلاقان" باللغة العبرية)، يرتبط مقاتلو جنين بمقاتلي حزب الله الشيعي في لبنان، من خلال مجموعة من المتطرفين في مولنبيك - بلجيكا.
جذبت ضاحية مولينبيك في بروكسل الانتباه العالمي في العام 2015 باعتبارها قاعدة للمتطرفين الإسلاميين الذين شنوا موجة الهجمات في باريس في 13 نوفمبر من ذلك العام. قتل أكثر من 130 شخصًا ، من بينهم 90 في مسرح باتاكلان خلال حفل موسيقي لفرقة هيفي ميتال أمريكية. هذه الهجمات وغيرها من الهجمات السابقة مثل مجلة شارلي إبدو ومتجر HyperCacher للمواد الغذائية في باريس، نفذتها خلايا إرهابية بلجيكية فرنسية مغربية، وجميعهم تقريبًا من الشباب يحملون جوازات سفر بلجيكية أو فرنسية، نُفذت هذه الهجمات باسم داعش، الدولة الإسلامية.
وهذا هو المكان الذي يبدأ فيه الموسم الرابع من فوضى في الخروج عن الطريق... عند نقطة البداية. أكثر من 60 في المائة من جميع سكان مولينبيك هم من المغاربة أو من الأصل. وأي علاقة بينهم وبين لبنان أو حزب الله، أو بين أي شخص آخر في مولينبيك وبين لبنان وحزب الله هي على الأرجح علاقة ضعيفة في أحسن الأحوال. وكما يعلم أي خبير صغير في الشرق الأوسط، فإن حزب الله يتكون من مقاتلين شيعة. لقد ساعدوا الرئيس السوري العلوي بشار الأسد في القضاء على متطرفي داعش السنة، وقصفوا أي جزء من بلاده لم يدمره داعش بالفعل.
فكيف ولماذا قرر كتَّاب فوضى ربط كل هذا النشاط الفلسطيني المرتبط بحزب الله على الشاشة بهذه المدينة البلجيكية، التي لا علاقة لها بالهجمات ضد إسرائيل؟ هل كانوا يسعون إلى القفز على عربة الدعاية السيئة على مستوى أوروبا، أم أنهم كانوا يستفيدون من الجهل العام لمشاهدي نتفليكس؟
في الواقع، يزود حزب الله الفلسطينيين بكميات صغيرة من الأسلحة في غزة والضفة الغربية، لكن سلسلة التوريد هذه لا علاقة لها ببلجيكا.
يُعد فوضى حاليًا أكثر مسلسلات نتفليكس مشاهدة في لبنان، وقد دخل قائمة العشرة الأوائل في نتفليكس منذ عرضه الأول في 20 يناير في دول مثل الأردن والإمارات العربية المتحدة وقطر، وعدد من الدول الأوروبية، مثل جمهورية التشيك وصربيا. بلجيكا ليست من بينها، ولا فرنسا.
ولكن كما أوضح أحد المشاهدين: "فوضى مسلسل خيالي، وليس فيلمًا وثائقيًا. معظم المشاهدين لا يعرفون الفرق بين حزب الله وداعش، ولا يهتمون كثيرًا على أي حال".
إنه بالتأكيد ليس مخطئًا الآن، لكنه... مخطئ. تتعامل فوضى مع موضوع ساخن، حيث يتغير الواقع بسرعة كبيرة وغالبًا ما يتجاوز أي خيال. هذا ليس مسلسلًا خياليًا بالكامل، أساس المسلسل هو الحياة الواقعية متمثلة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، هذا الصراع غالبًا ما يرد في الأخبار التلفزيونية ثلاث ليال في الأسبوع هنا في باريس. كما يرد في الأخبار حتى في الولايات المتحدة، حيث غالبا ما تلعب الصراعات الدولية دورًا ثانويًا بعد حوادث السيارات والاعتقالات الخاطئة.
أعتقد أنه في بعض الدول الغربية، سئم المتعلمون وغير المتعلمين من جميع الخلفيات تقريبًا من أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعد كل هذه السنوات. من دون الكشف عن تفاصيل كل حلقة على حدة في المسلسل، باستثناء القول إن الواقعية المفرطة لمشاهد إطلاق النار مكثفة للغاية، وهناك الكثير من تلك المشاهد، أريد أن أشير إلى بعض المشاهد الأخرى التي يتم فيها بناء التفاصيل والحوار بشكل قذر، وأحيانًا تصل إلى حد كونها نكات سيئة.
بعد مقدمة المسلسل مباشرة، قام رجل مارق من الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية يرتدي الزي العسكري بقتل زميل له في الوحدة المارقة في زنزانة احتجاز تابعة للسلطة الفلسطينية في جنين، بزعم أنه تحدث إلى الإسرائيليين. هذا صديقه. لكن كان من الأذكى معرفة ما قاله لهم، إذا كان هناك أي شيء، بدلًا من قتله. إنه يجعل الفلسطينيين يبدون أغبياء ومتوحشين. في الوقت نفسه، يحتفل الإسرائيليون في حفل زفاف، مع الكثير من الغناء باللغة العربية والرقص والشرب. الحفلة تبدو ممتعة.
تلعب مذيعة الأخبار الإسرائيلية لوسي أيوب، التي وُلدت في الحياة الواقعية لأب عربي مسيحي وأم يهودية، وترعرعت في كل من اللغتين والثقافتين، دور مايا، وهي شرطية إسرائيلية شقيقها متطرف بارز يعمل مع حزب الله في بروكسل وبيروت. إنها تشتري مخدرات في الرملة، إسرائيل - ضمن عملها كشرطية متخفية - ربما تشتري الهيروين أو الكوكايين، لم يتم إخبارنا بنوع المخدرات. الرملة واللد هما مركزان لتجارة الهيروين على مستوى الشارع وأيضًا المستوى الأعلى في إسرائيل، تسيطر عليهما بالكامل عائلات الجريمة العربية. لا يوجد سوى القليل من الكوكايين في الرملة. لكن الأهم من ذلك هو أن النساء لا يشاركن في عمليات المخدرات العائلية العربية في إسرائيل، أو في أي مكان آخر. هذا هو عالم الرجل. يمكن أن يكن متعاطيات، ولكن ليس تجارًا. ومن ثم، عندما يلاحظ أحد التجار: "سيحب الناس الشراء من امرأة"، يبدو الأمر مثيرًا للشفقة وغبيًا.
يغيب عن مشهد الطاولة أي سلاح، لا أحد يبيع مخدرات لشخصية غير معروفة بلا رؤية مسدس محشو. وما زاد الطين بلة، أننا وجدنا لاحقًا أن والدتها تعيش في الرملة وأن مايا نفسها نشأت هناك. كيف يمكن أن تكون هناك شرطية مخدرات متخفية في مسقط رأسها الصغير، الجميع يعرفها ويعرف عائلتها؟ وفقًا لمصدر مطلع في مجال إنفاذ القانون في الولايات المتحدة، لا أحد في أي مكان يعمل متخفيا في مسقط رأسه، وبالتأكيد ليس في الرملة. هذه قاعدة أساسية للعبة. ملاحظة لكتَّاب فوضى: هذه هي أساسيات كتابة السيناريو.
في الحلقة الثالثة (هنا حرق لأحداث المسلسل) مع العلم الكامل بوجود أعضاء مارقين في وحدته، يخرج رئيس الأمن الوقائي في جنين من المدينة مع سائقه فقط، بلا مركبات مرافقة كحماية احتياطية. عندما يوقف السائق السيارة فجأة ويترجل مبتعدًا، ماذا تتوقع أن يحدث؟ حمار!: إلى أي مدى يمكن أن يكون رئيس الأمن الوقائي غبيًا؟ الحقيقة هي أن هذا مستحيل الحدوث. هو يعلم أن المسؤولين الوحيدين الذين لم يخرجوا للقبض عليه هم معارفه الإسرائيليون الذين يعملون في الضفة الغربية المحتلة. لا يذهب إلى أي مكان من دون سيارة تسبقه وأخرى تتبعه.
في مولينبيك، ستيف، الشخص المفضل لدى وحدة المستعربين، يذهب ليشتري المخدرات في مجمع سكني ضخم، أو على الأقل لتشتيت انتباه رجال الحراسة الأشداء. يفعل ما يُعرف في بعض الدوائر غير السارة باسم "رقصة المدمن"، بأنف يسيل، تحت تأثير المخدر يحرك رأسه وكتفيه لأعلى ولأسفل، يسألهم: "يا رفاق، لديكم أشياء جيدة للتدخين هنا؟"، بالتأكيد يا رفيق، شيء للتدخين؟ يمشي جميع المدمنين كما لو كانوا مرضى مخدرين. نحن نصدقك.
ثم، على الفور، هناك لحظة كوميدية أخرى غير مقصودة خلال تبادل إطلاق النار المكثف الذي يلي ذلك المشهد. رئيسة وحدة الشرطة البلجيكية، التي تلعب دورها لورا سميت (ابنة أسطورة الروك الفرنسي البلجيكي الشهير جوني هاليداي)، تعلن على قناة اتصالات مفتوحة للشرطة: "الإسرائيليون يطلقون النار". هذا إعلان طائش للغاية، كما لو أن الإسرائيليين المتخفيين المسلحين يغزون المجمعات السكنية البلجيكية بانتظام، كما لو كان لهم الحق في أن يكونوا هناك في المقام الأول.
يصبح الأمر أكثر سخافة. مع المجمع السكني المحاط بالكامل بالشرطة البلجيكية، تمكن اللبنانيون الذين يزعم أنهم يديرون ذلك الجزء من المجمع المغربي الشمالي الأفريقي (أنا أبذل قصارى جهدي لعدم الكشف عن تسلسل الأحداث) من نقل كوماندوز مقاتل إسرائيلي ينزف ومصاب بجروح خطيرة خارج المبنى، ونقله إلى المطار، ووضعه على متن طائرة فالكون صغيرة ثم نقله إلى بيروت، رحلة مدتها أربع ساعات، دون أن يلاحظ أحد أي شيء، ناهيك عن إلقاء القبض عليه.
هل تصدق كل هذا؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت حمار حقيقي، أكثر من البلجيكيين الذين تم تصويرهم هنا. هذه هي مصيدة هوليوود للمشاهدين غير المطلعين، في رأيي غير المتواضع، الذين لا يستطيعون العثور على بروكسل أو بيروت على الخريطة. يبدو الأمر كما لو أن كاتبًا يعرف خلفية الأحداث قام بعمل جيد في مشهد الاعتداء، وتخيل آخر الهروب أثناء جلوسه في مقهى لالا لاند على شاطئ جوردون في تل أبيب.
بعد ذلك لدينا مسؤولون في الشاباك يتعرضون لإطلاق النار في منازلهم من قبل مقاتلين فلسطينيين مدعومين من حزب الله. وهو أمر غير محتمل تمامًا إن لم يكن مستحيلًا. (يعلق المصدر الأمني الخاص بي أنه بعد الاختطاف في مولنبيك، والتسريبات المحتملة التي تلت ذلك تحت التعذيب، سيكون مسؤولو الأمن في إسرائيل معرضون لتحديد إقامتهم، أو أن ذلك سيحدث بالفعل).
هناك لحظة من التأجيل الكوميدي، عندما يتم نقل زوجات وأطفال المقاتلين الإسرائيليين (هناك مقاتلات أيضًا) إلى كيبوتس للحماية (جزء من تحديد الإقامة). محاطة بمسؤولي الشاباك، تشعل إحدى الزوجات "سيجارة" سمينة ضخمة ويبدأ الجميع في المشاركة في تدخينها، مصممين على الاستمرار في الدراما عن طريق الضحك. لكن المتعة لا تدوم طويلًا.
بعد الانفجارات في جنين في الحلقة السادسة، تذهب ياسمين من الطاقم السري إلى المستشفى وفي الساعة 16:58 في السيناريو تقول "سبأ الخير، good morning". جيد بما فيه الكفاية، لكنها تنطق حرفي "ال" وكأنهما "كيل"؛ لهجة إسرائيلية واضحة وقوية بما يكفي لقتلها. ولكن بطريقة ما مر ذلك الخطأ من دون أن ينتبه له أحد. كم منكم يستطيع سماع الفرق؟
بعد ذلك، هناك رحلة برية عبر لبنان للوصول إلى شخص يجب قتله. الاتصال بين دورون ومايا (ليئور راز ولوسي أيوب) مكتوب بشكل جيد في لحظات معينة، مع تلميحات إلى العلاقة الحميمة بينهما. ولكن كما حدث بنجاح في المواسم الثلاثة الأولى من فوضى، يتظاهر دورون بأنه فلسطيني. في الحياة الواقعية وعلى الشاشة، راز وأيوب إسرائيليان يتحدثان لغتين. على هذا النحو، يجب أن يستخدما كلمات عرضية باللغة العبرية، كما يفعل الفلسطينيون الإسرائيليون المتعلمون في الحياة الواقعية، ولكن هذا لم يحدث في المسلسل. وحتى من دون ذلك، بعد ساعة أو ساعتين أو ثلاثة، ستبدأ هي في الشك، بدافع غريزة ثنائية اللغة وثنائية الثقافة، في أن هذا ليس العربي الذي من المفترض أن يكون. تذكر أنها تلعب دور شرطي... لكن بطريقة ما، هي لم تفكر في ذلك الاحتمال قط. ويستند نجاح هذه المهمة السخيفة عبر لبنان إلى عدم قدرتها على كشف أعماق الرجل. هذه إهانة لذكائها ثنائي الثقافة.
ثم تطلق الوحدة المارقة التي تتخذ من جنين مقرا لها حوالي 20 صاروخًا على المدن الإسرائيلية في يوم واحد.
ويعلق مسؤول أمني إسرائيلي قائلًا: "يبدو الأمر مثل بيروت في الثمانينيات". يوم واحد من إطلاق الصواريخ ويبدو مثل بيروت؟ يا له من أمر معتاد. يا له من أمر رخيص. الصواريخ عنيفة وقاتلة، نعم، لكن الإسرائيليين ساعدوا في قصف أجزاء من بيروت على الأرض في الثمانينيات. هذه المقارنة إهانة كبيرة للبنانيين. ابحث عن محام ممتاز وارفع دعوى قضائية ضد الشركة التي أنتجت فوضى .
يبدو أن كل هذه التناقضات لم يتم اكتشافها من قبل المشاهدين في أوروبا وأمريكا الشمالية. يجدون مشاهد الحركة المكتوبة جيدًا والواقعية للغاية مثيرة، ويطالبون بموسم خامس. أعتقد أن الجهل هو في الواقع نعمة. هناك الكثير من الزلات في القصة بحيث لا يمكن تمرير هذا الموسم، وهذا عار.
يهيمن على الحكومة الإسرائيلية الحالية وزراء الأحزاب الدينية اليمينية المتطرفة، وهي بحكم الواقع الحكومة اليمينية الأكثر تطرفًا في تاريخ البلاد. الواقع على الأرض في جنين والقدس وبيت لحم ودوار جوش عتصيون على شارع 60 في أريحا، ومن يدري إلى أين بعد ذلك، ينفجر. فالمدنيون من كلا الجانبين، وخاصة الفلسطينيين، يُقتلون. لم يكن على كتاب السيناريو فوضى أن يخترعوا علاقة مولنبيك وحزب الله وإسرائيل، ولا أن يظهروا شرطية فلسطينية إسرائيلية متعاطفة بمظهر الحمقاء كي ينافسوا الواقع. لكنهم فعلوا.
