يسمو فريق غزة المحترف للرياضيين راكبي الدراجات مبتوري الأطراف فوق أحلك أيام غزة من خلال العزيمة والتميز الرياضي لجمع الأموال وتوزيع الوجبات الساخنة وحزم الرعاية الصحية على العائلات المنكوبة التي تعاني من القصف الإسرائيلي.
مالو هلسا
لا يروي الفيديو الذي نشرته طيور شمس غزة على إنستغرام القصة الكاملة للرياضيين المعاقين في قطاع غزة. في الفيديو، يتم قصف رفح بينما يمضي الدراج هيثم ناصر، 24 عامًا، بين مباني المدينة التي سويت بالأرض. وهو مثل الأعضاء العشرين الآخرين في فريق الدراجات البارالمبية في فلسطين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عامًا، ساقه مبتورة. في يوم التصوير، هذا هو اليوم التاسع والستين لطيور شمس غزة تحت الحصار.
وعلى الرغم من أن بعض راكبي الدراجات في غزة لا يستطيعون الحصول على الدواء وظلوا بدون ماء لمدة تصل إلى أربعة أيام، فقد جمع الرياضيون البارالمبيون 60,000 دولار ووزعوا 26 طنا من الطرود الغذائية و7,900 وجبة ساخنة و500 حزمة رعاية الأمومة والرعاية الصحية على الأسر المنكوبة في غزة التي تعاني من القصف الإسرائيلي المستمر.
في لندن، في أصوات من أجل غزة، روى كريم علي، المنسق الدولي لطيور الشمس، البالغ من العمر 24 عامًا، قصة علاء الدالي، راكب الدراجات الذي كان يتدرب في غزة. كان يحلم بالمنافسة دوليًا. في العام 2018، قبل أربعة أشهر من مغادرته للمشاركة في سباقات تنافسية في جاكرتا – ولم يكن الحصول على تأشيرة لمغادرة القطاع بالأمر الهين – انضم إلى احتجاجات مسيرة العودة للرجال والنساء والأطفال على الحدود بين غزة وإسرائيل، داعيًا إلى إنهاء الحصار الإسرائيلي على القطاع.
كشف تحليل البيانات الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من قبل صحيفة الغارديان أن أكثر من 190 شخصًا قتلوا وأصيب ما يقرب من 29000 فلسطيني خلال مظاهرات مسيرة العودة التي استمرت أكثر من عام، كما أطلق الجيش الإسرائيلي النار على أرجل المدنيين. كان الدالي واحدًا من هؤلاء. وانضم إلى أكثر من 3,000 شخص آخر مبتور الأطراف في غزة، وهي منطقة بها أعلى معدل للأشخاص الذين بُترت أطرافهم في العالم.
أوضح علي لجمهور لندن أثناء فعالية "عاموس ترست" أنه على الرغم من وضع الدالي، رفض الشاب البالغ من العمر 26 عامًا الاستسلام لليأس وتجرأ على الأمل. تم تشكيل طيور شمس غزة في العام 2020. كان الفريق يتدرب لأولمبياد 2024 قبل حرب أكتوبر. جاء الدالي بفكرة أن توجه طيور الشمس جهودها إلى مصادر المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
الخبز بالدراجة
جعل كل من الخدمات اللوجستية والحظ والتفاني برنامج طعام طيور الشمس حقيقة واقعة. أخبرني كريم علي، مجيبًا عن الأسئلة عبر البريد الإلكتروني، أنه بمجرد دفع رواتب طيور الشمس: "مقدمًا بسبب الحرب، عندها أدركنا أن البنية التحتية للفريق لا تزال تعمل. بعد فترة وجيزة، طلب منا كابتن الفريق علاء الدالي شراء الخبز للناس في مجتمعه المحلي، وسارت الأمور على ما يرام. وبإلهام مما قام به، اتبع أعضاء فريقنا وموظفونا قيادته من أجل إنقاذ مجتمعاتهم".
كتب علي أن العجلات أعطت طيور الشمس ميزة خلال زمن الحرب، عندما يتعلق الأمر بالمهمة شبه المستحيلة المتمثلة في الحصول على الطعام. "إن قدرة الفريق على التكيف جعلتهم يبحثون في المستودعات ومحلات السوبر ماركت لجمع ما يكفي من الإمدادات لتوزيعها على مجتمعهم. وعندما نفدت الأغذية المعلبة في نهاية المطاف، انتقل الفريق إلى المزارع، التي تتواجد بشكل رئيسي في جنوب غزة. وحتى الآن، لا تزال هذه المزارع توفر الخضروات، على الرغم من التطورات الأخيرة في الغزو البري الإسرائيلي، يكافح المزارعون عادة لحصد أكبر قدر ممكن من الطعام".
عادة ما يأخذ الحمار أو السيارة الطعام إلى الرياضيين الفرديين، في مواقع مختلفة. هناك يتم تخزينه قبل أن يوزعه أعضاء طيور الشمس بالدراجات، ويتركونه على أبواب الناس من أجل "تجنب تعريض إخواننا في غزة للأذى"، كما كشف علي. توزعت المساعدات بالدراجات حول وسط غزة - مخيمي النصيرات والبريج - وكذلك في الجنوب في خان يونس ورفح.
واعترف بأن "لم يتمكن أحد من الوصول إلى الشمال. نحن بالتأكيد ندخل مرحلة متأخرة من اليأس مع ارتفاع الأسعار، بينما الغذاء متاح فقط في الأجزاء الجنوبية من القطاع، حيث أبلغنا الرياضيون في النصيرات ووسط غزة أنه ببساطة لم يتبقَ أي منتج طازج للشراء".
الرياضيون الناشطون
طيور الشمس هي أيضًا وراء حملة رياضيون من أجل فلسطين.
وكما أوضح علي: "لسوء الحظ مع استمرار الإبادة الجماعية، كان لا بد من تعطيل أحلام العديد من الرياضيين الفلسطينيين في المنافسة والتميز الرياضي. وقد بدأت الحملة كفرصة للمجتمع الرياضي الدولي لتوحيد العالم من خلال قوة الرياضة والثقافة، ومع الإيمان الأساسي بقوة الرياضيين لإحداث التغيير".
اليوم، انضم إلى الحملة ما يقرب من 40 شخصًا من راكبي الدراجات الأولمبيين، وراكبي الدراجات البارزين، والمتزلجين المحترفين، وفناني الدفاع عن النفس المحترفين، وراكبي الأمواج، وفرق كرة القدم، وقد شارك العديد منهم بطرق متنوعة، بما في ذلك تنظيم فعاليات لجمع التبرعات. في حين لم يوقع أي لاعب كرة قدم محترف رسميًا على رياضيون من أجل فلسطين، كان هناك دعم شعبي لفلسطين من قبلأسماء كبيرة في الرياضة، مثل لاعب كرة القدم الفرنسي المحترف كريم بنزيمة، الذي يعمل الآن في نادي الاتحاد في المملكة العربية السعودية، والمهاجم المصري لليفربول، محمد صلاح، والجناح الأيمن السابق لمانشستر سيتي، الذي يلعب الآن للنادي الأهلي السعودي والمنتخب الجزائري، رياض محرز، والظهير الأيمن لبايرن ميونيخ، نصير مزرعاوي الذي يلعب مع المنتخب الوطني المغربي رغم ولادته في هولندا.
ويأتي ذلك على خلفية الموت والفوضى والدمار، وفقًا لتقرير جديد صادر عن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم. بين 7 أكتوبر ونوفمبر من هذا العام، قُتل 55 لاعب كرة قدم فلسطيني ورياضيين آخرين في القصف الإسرائيلي لغزة. قتل لاعبا الكرة الطائرة الفلسطينيان في نادي الصداقة: حسن أبو زعيتر وإبراهيم قويعة، اللذان فازا بميدالية برونزية في بطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم الشاطئية لعام 2021 ولعبا في المنتخب الوطني في دورة ألعاب غرب آسيا في سبتمبر/أيلول في هانغتشو، الصين، أثناء قصف مخيم جباليا للاجئين.
ويشير تقرير الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أيضًا إلى تدمير خمس منشآت رياضية في قطاع غزة، ما يجعل المرء يتساءل عما إذا كانت هيمنة الأعلام الفلسطينية في كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر قد لمست وترًا حساسًا عند الجيش الإسرائيلي.
الرياضة ليست خيارًا سهلًا في ظل الاحتلال، تتضاعف صعوبة ممارستها بالنسبة لراكبي الدراجات البارالمبية طيور الشمس. "الحقيقة هي أن حياة الفريق كانت دائمًا صعبة في قطاع غزة"، قال علي. "إن مجرد محاولة خلق رياضيين محترفين في سجن في الهواء الطلق أمر مثير للسخرية للغاية، خاصة بالنسبة للرياضيين البارالمبيين الذين يواجهون الكثير من التعقيدات الذين يعيشون في غزة. في النهاية، لم نخف قط من المستحيل ونعتقد أنه عندما تنفذ مهمة ما بمثابرة والتزام مناسبين، تصبح ممكنة. وعلى الرغم من أن جميع دراجاتنا قد دُمرت، بما في ذلك منشأة التخزين الخاصة بنا في شمال غزة، إلا أننا على يقين من أننا سنعيد البناء بشكل أفضل وأقوى، وسنمضي بدراجاتنا أسرع بكثير".
يظهر مقطع فيديو آخر على صفحة صن بيرد غزة على إنستغرام دراج طائر الشمس محمد أبو عصفور. يقف على أنقاض منزل عائلته الذي تعرض للقصف، بينما يستعيد خوذته من تحت الأنقاض. وبينما فر أفراد عائلته من القصف سيرًا على الأقدام، ركب الدراجة بسبب إعاقته. وعندما سُئل عما إذا كان سيواصل التدريب، كان أبو عصفور حازمًا في قوله: "بالتأكيد، سنتحدى محاولة أي شخص لتحطيم أحلامنا، سنثابر على الرغم من الدمار والحزن".
هذه هي أحلك الأيام في غزة. وما لم يتكاتف المجتمع الدولي، فإن لا نهاية قريبة لهذه الحرب القاسية، حيث قتل 20,000 فلسطيني وجرح أكثر من 50,000 آخرين.
تابع طيور شمس غزة عبر الإنترنت، وتبرع، وشارك واحصل على الإلهام، ضد ما يبدو في بعض الأحيان أن أمر لا يمكن التغلب عليه.
ملهمة وغنية بالمعلومات. الشجاعة والرحمة في ظل الإرهاب والعنف المروعين