فلسطينية مقيمة في برلين تعود إلى اللغة العربية في ألبومها الجديد أمرات

23 يناير، 2023

 

هزت رشا نحاس العالم الناطق باللغة الإنجليزية بأول ألبوم أغاني طويلة ناجح، وأول ألبوم طويل. تعود بألبوم من الأغاني المكتوبة بلغتها الأم العربية.

 

ميليسا تشيمام

 

المغنية وكاتبة الأغاني وعازفة الآلات المتعددة رشا نحاس هي موسيقية روك معروفة ومغنية عابرة للقارات. يُوصف صوتها بأنه "يتحرك بسلاسة بين أصداء موسيقى الروك أند رول المبكرة والأصداء المتهورة لموسيقى الجاز الحرة". تم الإشادة بنهجها المميز في كتابة الأغاني ورواية القصص والغناء في ثلاث قارات. انتقلت من حيفا إلى برلين في العام 2018، بعد تسجيل بعض الأغاني في إنجلترا في العام 2016، ثم ألبومها الأول صحراء الذي صدر في العام 2021. تعود الآن في 23 يناير بألبومها الجديد "أمرات" (أحيانًا) الذي تستكشف فيه مواضيع الوطن والانتماء والشك والحرية وعلاقتها بلغتها الأم العربية.

تقول نحاس: "لديَّ عالمان، بطريقة ما. أحدهما على الطريق، لعب وسفر باستمرار، تحرك وتواجد مع الناس وغناء ونشاط كثير. والآخر هنا في برلين، عالم متمهِّل. إيقاعان مختلفان تمامًا".

أمرات، الألبوم الجديد لرشا نحاس (تصوير سما حداد، تصميم جرافيكي، هيثم حداد/ MNJNK STUDIO).

 

تحب برلين، المكان الذي وجدت فيه مساحة خاصة بها للإبداع، كما فعل المزيد والمزيد من الفنانين العرب في العاصمة الألمانية. تعمل على موسيقاها في الاستوديو الخاص بها، وتعمل أيضًا كمؤلفة للإنتاج السينمائي والمسرحي، باللغة الإنجليزية، بما في ذلك كتابة مجموعة من المقطوعات لمشهد الفنون المسرحية في برلين ومسرح ثاليا في هامبورغ. في اليوم الذي تحاورنا فيه، تلقت للتو أول درس لها في اللغة الألمانية. "يمكنني الآن أن أغني أغنية باللغة الألمانية!" [انظر عدد برلين للمركز ريفيو. المحرر.]

وُلدت ونشأت في حيفا، وهي مدينة في إسرائيل يزدهر فيها المشهد الثقافي الفلسطيني، بدأت عازفة الآلات المتعددة والمغنية وكاتبة الأغاني علاقتها بالموسيقى في العاشرة من عمرها، كعازفة جيتار كلاسيكية. [يوجد في حيفا أقلية فلسطينية كبيرة، لكنها مدينة ذات أغلبية يهودية. المدينة الفلسطينية الأكثر اكتظاظًا بالسكان داخل الخط الأخضر هي الناصرة. المحرر]. في سن المراهقة بدأت في كتابة وإطلاق أغانيها الخاصة، ونحتت لنفسها مكانًا في مشهد حيفا الموسيقي البديل. في العام 2016، في سن الحادية والعشرين فحسب، أصدرت نحاس أول ألبوم أغاني طويلة لها، Am I، تم إنتاجه بين حيفا وبريستول - المملكة المتحدة.

 

 

سرعان ما جذبت أغانيها، بما فيها الأغنية الشهيرة "The Skies Don't Care"، الانتباه لمستمعي اللغة الإنجليزية.

تعترف نحاس: "كان من الأسهل التعبير عن نفسي باللغة الإنجليزية في ذلك الوقت. بدأت في كتابة الأغاني في منتصف محاولتي فهم من أكون، الكثير من الأمثلة التي حصلت عليها جاءت من موسيقى الجاز المعاصرة، والراب، والروك، والأوبرا، والمسرحيات الموسيقية، وما إلى ذلك، وكلها باللغة الإنجليزية. جاءت كلها من نماذج يحتذى بها ويمكنني تقليدها. أنت تستمع إليها فتؤثر عليك... وكان هناك الكثير من التنوع. أيضًا، شعرت أنه من الصعب كتابة أغنية مثلًا عن الحب باللغة العربية".

 

 

في حوارات سابقة، بما في ذلك حوار نُشر في صحيفة الغارديان، اعترفت بأن اللغة الإنجليزية كانت وسيلة للهروب من رؤية وسماع العبرية - "لغة الظالم" - في كل موضع من حياتها اليومية كفلسطينية في إسرائيل.

سرعان ما أعقب إطلاق أول ألبوم طويل لها جولة تضمنت عروضًا حية آسرة في أوروبا وأمريكا الجنوبية والمملكة المتحدة وغرب آسيا، بما في ذلك عروض في أسبوع الموسيقى العالمية في ساو باولو (SIM São Paulo) وسوق نشر الموسيقى والتسجيلات الدولي (Midem) ومهرجان زيجيت للموسيقى (Sziget)  و معرض فلسطين للموسيقى (Palestine Music Expo)  ومهرجان جلاستونبري للموسيقى (Glastonbury) - يمكن القول إنه أكبر مهرجان موسيقي في العالم - في العام 2017. هكذا ازداد جمهورها ليتجاوز فلسطين التاريخية.

ثم بدأت نحاس تفكر في العيش في الخارج. في العام 2017 غادرت حيفا إلى برلين، وسافرت ذهابًا وإيابًا حتى العام 2018.

تقول: "بعد العزف في معرض رام الله للموسيقى وفي جلاستونبري، جئت إلى برلين. طلبت تأشيرة سفر وعندما حصلت عليها قررت البقاء. لقد مرت خمس سنوات حتى الآن... لم أعقلن قراري حقًا، لقد اتبعت حدسي فحسب، أعتقد أنه دائمًا ما يكون صحيحًا، كأنني أتبع دعوة اللاوعي، لا شيء مما أقوم به مخطط له. أيضًا كنت لا أزال صغيرة جدًا 20 أو 21 عامًا. سأفكر الآن أكثر بكثير قبل اتخاذ مثل هذه القرارات".

طوال الوقت، كانت نحاس تكتب الأغاني لإطلاق أول ألبوم. أرادت التقاط أجواء وكثافة عروضها الحية. أطلقت هي وفرقتها الجديدة بعض الأغاني بعد تسجيل واحد فقط.

أصدرت الألبوم الأول، صحراء، بما في ذلك الأغنية الرئيسية التي تحمل اسم الألبوم، في أوائل العام 2021. وصفته بـ"رحلة شخصية وسياسية من فلسطين إلى ألمانيا والعودة إلى فلسطين".

تم توزيع الألبوم على المتاجر في ألمانيا عبر كارجو ريكوردز (Cargo Records). ثم ظهر في قوائم أفضل الأغاني العالمية على تطبيق سبوتيفاي، وتم اختيارها للمشاركة في Sawtik، وهي حملة سبوتيفاي العربية التي تسلط الضوء على المواهب النسائية العربية الناشئة وتتضمن عرض لوحات إعلانية في المدن الكبرى في جميع مدن العالم العربي، بما في ذلك جدة والرياض والدار البيضاء والرباط والقاهرة.

بعد ألبوم صحراء، ظهرت أيضًا كضيفة خاصة في حفل توزيع جوائز تيدي في مهرجان برلين السينمائي الدولي، وغنت في مهرجان The Great Escape في برايتون.

 

 

عادت الآن بألبوم ثان، أول ألبوم كتبته وغنته بالكامل باللغة العربية، بعنوان أمرات، الذي تم تأليفه أثناء جائحة كورونا.

تقول لي: "هذا الألبوم مميز جدًا بالنسبة إليَّ، باعتباره أول ألبوم لي باللغة العربية. إنها لغتي الأم، العربية تجعلني أشعر بمزيد من الاسترخاء". الآن، الغناء باللغة الإنجليزية يجعلها تشعر وكأنها تتحدث إلى جمهور منفصل عن أصولها. "اللغة العربية تكسر هذه الأشياء. إنه أيضًا ألبوم شخصي للغاية، في حين أن ألبومي الأول كان سياسيًا أكثر".

استفادت نحاس أيضًا من المشهد الموسيقي الفلسطيني. قبل انتقالها إلى برلين، تشير إلى أنها "كنت صديقة مقربة لأشخاص مثل هيا زعتري، والتقيت معها بالكثير من الموسيقيين. كان لديَّ فرقة من الأصدقاء وجاءوا من هذا العالم العربي البديل. أصبح من الطبيعي أكثر شيئًا فشيئًا أن أغني هناك وأكتب الأغاني باللغة العربية".

 

 

أثناء حوارنا، تشرح نحاس دوافعها:

"كتبت هذا الألبوم أثناء الجائحة، وشعرت بالشوق والحنين الشديدين. للألبوم أيضًا أصوات مزدوجة، لأن يدي كانت مصابة، لذلك لم أستطع العزف على الجيتار بقدر ما عزفت سابقًا، واضطررت إلى استخدام الكمبيوتر بدلًا من العزف. هناك أيضًا ازدواجية بين الحضر والريف: كنت شخصيًا في الحجر المنزلي، في مواجهة مدينة فارغة، برلين. كنت أركب مترو الأنفاق في بعض الأيام، أحلم بالريف. كنت أتوق إلى المناظر الطبيعية".

استخدمت نحاس الطبول المغربية والأصوات الإلكترونية: "كان هذا هو المكان الذي طلبت الأغاني الذهاب إليه".

الألبوم "يجتاز الحدود بين الشرق والغرب"، كما كتبت رشا وفرقتها في العرض الصحفي، "ولكن هناك أيضًا مسافات بينهما". يتوفر عنصر الحرية في تلك "المساحات الثالثة"، وهي تتدفق عبر ألحان وسردية أمرات.

تقوم نحاس بجولة مرة أخرى منذ أغسطس 2022، على الأغلب في إنجلترا والمغرب وفلسطين. ستكون حفلاتها المقبلة في أبو ظبي وألمانيا والنمسا والأردن وفرنسا، مع حفل موسيقي في معهد العالم العربي في باريسفي 18 مارس.

 

 

على الرغم من جاذبية السفر، يبدو أن أكثر ما تحبه نحاس هو الغناء والعزف في المنزل، في فلسطين. تقول: "إنه أمر رائع حقًا، ومن المهم أن أعزف في المنزل، لعائلتي، لمجتمعي. إن ذلك أفضل شيء. عندما أكون في جولة هناك، أقود السيارة كثيرًا، أرى العديد من الوجوه، لكنها مألوفة دائمًا، سواء في حيفا أو رام الله أو يافا أو بيت لحم. ولكن هناك أيضًا الكثير من نقاط التفتيش والجدران الفاصلة... أعني، إنها تجربة مكان يعيش تحت الفصل العنصري. يسألني أصدقائي من بقية العالم الكثير من الأسئلة عن هذا الموضوع. إنه ليس وضعًا طبيعيًا مثل وضع أي مكان آخر أذهب إليه".

في الوقت الحالي، تجد رشا نحاس توازنها من خلال تقاسم وقتها بين مدينتيها، ومن خلال التجول. من المؤكد أن العيش في برلين منحها الانفصال والثقة لإعادة الاتصال بلغتها الأم، وتأمل أن يقدر معجبوها هذه الخطوة.

يقدم ألبوم أمرات منظورًا جديدًا لأنواع الموسيقى العربية التقليدية والبديلة. إنه بالتأكيد ألبوم مبتكر. استمتع به!

 

ميليسا تشيمام صحفية ثقافية ومحاضرة ومؤلفة كتاب عن المشهد الموسيقي في بريستول، Massive Attack – Out of the Comfort Zone. بصفتها محررة مساهمة في مجلة المركز، تكتب مقالًا موسيقيًا شهريًا، تستكشف فيه الموسيقى العربية والشرق الأوسط الكبير، وكيف يؤثران على الإنتاج الموسيقي في جميع أنحاء العالم. تغرد من خلال @melissachemam.

عربيبرلينحيفااغاني فلسطينيةرشا نحاس

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *