ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺮﻭﺳﺘﻴﺔ‬

2 December, 2024
البندقية الصغيرة، الإسكندرية. الصورة لمحمد جوهر.
البندقية الصغيرة، الإسكندرية. الصورة لمحمد جوهر.
ﺍﻟﻮﻫﻢ ﻭالنسيان ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﻮﻝ ﻛﻮﺭﻧﻴﺶ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ‬.

 

‫ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻮﻫﺮ‬

 

‫ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻤﻄﺮ، ﻳﺘﺠﻮﻝ ﻣﺮﺍﻫﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ. ﺗﺨﻠﻖ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎء ﺍﻟﺸﺘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻨﺎﻳﺮ مشهدًا ﻣﺜﺎﻟﻴًﺎ لالتقاط ﺻﻮﺭﺓ ﺭﻗﻤﻴﺔ. ﻳﺘﻮﻗﻔﺎﻥ ﺑﻤﺤﺎﺫﺍﺓ‬ ﺍﻟﻜﻮﺭﻧﻴﺶ ﻻﻟﺘﻘﺎﻁ ﺻﻮﺭﺓ ﺑﻬﺎﺗﻒ ﺫﻛﻲ ﻟﻠﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﻭﻫﻮ ﻣﺒﻨﻰ ﺳﻜﻨﻲ ﺿﺨﻢ ﻳﺴﺘﻌﻴﺮ ﺯﺧﺎﺭﻓﻪ ﻣﻦ ﻓﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ. ﺗﺘﻢ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺘﻌﻠﻴﻖ‬ «ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ» ﻭﻭﺳﻮﻡ ﻣﺜﻞ «ﺘﺮﺍﺙ» ﻭ«ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ» ﻭ«ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ» ﻭ«ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ» ﻭ«ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ». ﺗﻢ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ، ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﻓﻲ‬ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻄﻬﺎ‬.

‫ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﺃﻥ ﺗﺼﺎﺩﻑ صورًا ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ، ﺭﺑﻤﺎ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻣﻊ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺗﺮﺍﺑﻴﺔ ﺯﺍﺋﻔﺔ ﻭﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ. ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺃﻡ ﺣﺪﻳﺜﺔ‬.

‫ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺼﺮ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ اهتمامًا ﻣﺬﻫﻼً ﺑﺎﻗﺘﻨﺎء ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺗﺪﺍﻭﻟﻬﺎ. ﻭﻫﻲ ﻅﺎﻫﺮﺓٌ ﺳﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﺔ ﻟﻮﺳﻲ ﺭﻳﺰﻭﻓﺎ “ﺣﻤﻰ ﺍﻷﺭﺷﻴﻒ”. ﻭﺿﻌﺖ ﺭﻳﺰﻭﻓﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ‬ ﺍﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺮﺭﺓ ﻗﺪ ﺗﺤﺮﺭﺕ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻭﻣﺮﺟﻌﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ جدًا ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﻣﻴﺰﻫﺎ‬.

‫ﻏﺬﺕ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻠﺼﻘﺎﺕ ﻭﺍﻹﻋﻼﻧﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ماضٍ ﺃﻓﻀﻞ ﻋﺎﺷﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺧﻠﻖ ﺗﻤﺜﻴﻼﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‬.

‫ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻼﺇﺭﺍﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺑﺮﻭﺳﺖ‬

‫ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻘﻴﻦ. ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء ﺃﻥ ﻳﺠﺎﺩﻝ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﺣﻔﺰ ﺻﻮﺭﺗﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻼﺇﺭﺍﺩﻳﺔ. ﻟﻘﺪ ﺻﺎﻍ ﻣﺼﻄﻠﺢ “ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻼﺇﺭﺍﺩﻳﺔ” ﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺎﺭﺳﻴﻞ‬ ﺑﺮﻭﺳﺖ. ﻭﺗﺸﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﺰﻫﺎ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺃﻭ ﻣﺬﺍﻕ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺻﻮﺕ. ﻭﻳُﻌﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﺑﻤﺼﻄﻠﺢ «ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺑﺮﻭﺳﺖ»، ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺃﻭ ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺗﺠﺎﺭﺏ‬ ﻋﺎﻁﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ‬.

‫ﺑﺒﺴﺎﻁﺔ، ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻁﻮﻳﻠﺔ ﻭﻣﻤﺘﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻁﻮﻝ ﻳﺒﻠﻎ ﺣﻮﺍﻟﻲ ‪ 70‬ ﻛﻴﻠﻮمترًا ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻋﻠﻰ ﻁﻮﻝ ﺳﺎﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﻭﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺮﺏ. ﻛﻤﺎ ﺃﻓﺎﺩ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﻟﻠﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ﻭﺍﻹﺣﺼﺎء، يُقدر ﻋﺪﺩ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺑﻨﺤﻮ ‪ خمسة ملايين ﻧﺴﻤﺔ. ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﻴﺎء ﻣﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻷﻁﺮﺍﻑ ﺷﺮﻗًﺎ ﻭﻏﺮﺑًﺎ، ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻷﻗﻞ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔً ﺑﺒﺎﻗﻲ أحياء‬ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ. ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻜﺘﻔﻴﺔ ﺫﺍﺗﻴًﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪ، ﺣﻴﺚ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﻭﻣﺮﺍﻓﻖ ﻋﺎﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﺸﺎﺑﺎﻥ ﻗﺪ ﻧﻀﺠﺎ ﻭﺗﻠﻘﻴﺎ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ‬ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻬﻤﺎ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻮﺳﻂ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ. ﻭاستنادًا ﺇﻟﻰ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻲ، ﻓﺈﻥ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺠﻴﻞ ﺯﻱ ﻳﺒﺪﺃﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺍﻷﺣﻴﺎء ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻭﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻷﺣﻴﺎء ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ في ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ‬ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃﻭﻥ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ. ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ‬.

‫ﺣﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﺿﻲ ﻻ ﻳﺨﺼﻬﻢ‬

‫ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﻠﻤﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺻﻮﻓﻲ ﺃﺟﻴﺸﻴﻔﺎ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺤﻀﺮﻱ، ﻓﺈﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﻭﺗﻤﺜﻴﻠﻬﺎ ﻭﺇﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻁﻒ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ. ﻟﻠﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ، ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻭﻻً ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻣﻌﻪ، ﻣﻊ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺰﻣﻦ. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺬﺕ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺖ‬ ﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻘﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﺎﻁ ﺻﻮﺭﺓ ﻓﻮﺗﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺔ؟ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻓﻌﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﻤﺠﻴﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺃﻭ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﻭﺇﺧﻔﺎء ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ؟‬

‫ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻱ، ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮﺓ ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭﻣﻬﻨﺪﺳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ، ﻭﻫﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﺨﺪﻡ ﻗﻮﻯ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. ﻓﻜﻤﺎ ﻭﻓﺮﺕ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ فرصًا ﻟﻠﺤﺎﻟﻤﻴﻦ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﻢ‬ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻟﻌﺒﺖ ﻣﺼﺮ دورًا مماثلًا ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻭﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻛﻌﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﺒﻼﺩ ﺗﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ، ﻭﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻛﻤﻴﻨﺎء ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ‬ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ، ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺩﻋﺎﻣﺘﻴﻦ ﻟﻸﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﺣﻼﻣﻬﻢ‬.

‫ﺧﻼﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺰﺩﻫﺮﺓ ﺗﻌﺪ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺮﻛﺰ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺼﺮ ﻭﺧﺎﺭﺟﻬﺎ. ﻻ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﺳﻜﺎﻥ ﺿﻔﺘﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧًﺎ‬ ملائمًا ﻟﻺﻗﺎﻣﺔ ﻭﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻗﺘﻨﺎء ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ وغرس ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ. ﺍﺣﺘﻀﻨﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﻭﻓﺮﺕ ﺑﻴﺌﺔ ﺗﺮﺣﻴﺒﻴﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ ﻣﻠﺠﺄ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻏﺎﻣﺾ‬ ﻓﻲ ﺃﻭﻁﺎﻧﻬﻢ، ﺁﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪﺓ. ﺳﻌﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻁﻨﻮﻥ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻮﻥ، ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﺇﻟﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺑﺪﻳﺎ ﺑﻌﻴﺪﻱ ﺍﻟﻤﻨﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ‬ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺘﺎﺡ ﺑﻠﺪﺍﻧﻬﻢ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬.

‫ﻛﺎﻥ امتلاك ﻋﻘﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻁﻮﻝ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻷﻣﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﻛﻮﺭﻧﻴﺶ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩ طموحًا ممكن التحقق. ﻓﻠﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺇﻅﻬﺎﺭ ﺍﻟﺜﺮﺍء ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﺔ ﻣﺘﺄﺻﻼً ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ. ﻭﻗﺪ ﺃﺗﺎﺣﺖ‬ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺑﺄﻗﻞ ﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻴﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎء، ﻣﺎ ﺃﺗﺎﺡ ﻟﻠﻤﻌﻤﺎﺭﻳﻴﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﺣﻼﻣﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ‬.

‫ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺧﻼﻝ ﻋﺸﺮﻳﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺤﻮﻝ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﺍﻷﺩﺏ. ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺑﺎﻷﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻄﺎﻉ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻘﺒﻮﻻً.‬
‫ﻗﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻭﻥ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﻴﻦ. ﻭﺑﺪﻭﺭﻫﻢ، ﻟﻌﺐ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻤﺒﺪﻋﻮﻥ دورًا مهمًا ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ‬ ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1896‬ ﺗﺤﺪﻯ ﻟﻮﻳﺲ ﺳﻮﻟﻴﻔﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻨﺎء ﻣﺒﻨﻰ ﺟﺎﺭﻧﺘﻲ، ﺃﺣﺪ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻧﺎﻁﺤﺎﺕ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ. ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ، ﻗﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﺮ ﻏﺮﻭﺑﻴﻮﺱ ﺃﺳﻠﻮﺏ‬ ﺍﻟﺒﺎﻭﻫﺎﻭﺱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺼﻤﻴﻤﻪ العام ‪ 1911‬ ﻓﺎﻏﻮﺱ-ﻭﻳﺮﻙ، ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﻛﺘﺴﺐ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺘﺠﺖ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ‪ 1927‬ ﻧﺴﺨﺔ ﻁﺒﻖ ﺍﻷﺻﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻁﻴﺔ ﺍﻟﻔﻴﻨﻴﺴﻴﺔ‬ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﻴﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ مؤخرًا ﺑﺎﺳﻢ «ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ‬».

ميناء الإسكندرية، مصر. الصورة Javarman.
ميناء الإسكندرية، مصر. الصورة Javarman.

‫ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﻣﻬﻨﺪﺱ ﻣﺸﺮﻭﻉ «ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ» يحن ﺇﻟﻰ ﺣﻘﺒﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺨﺼﻪ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﺖ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﻓﻲ‬ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ. ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺭﺟﺎﻋﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻹﻧﺸﺎء ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ، ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺱ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻟﻺﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﻧﻲ ﺩﻳﻨﻮﻗﺮﺍﻁﻴﺲ‬ رودس ﺒﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻂ ﺷﺒﻜﻲ ﻫﻴﺒﻮﺩﺍﻣﻲ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺩﻣﺞ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﺤﻀﺮﻱ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ. ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺪ نابعًا ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺍﻟﺤﻀﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻭﻁﻨﻬﻢ ﺍﻷﻡ. ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ‬ ﺍﺳﺘﻨﺴﺎﺥ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﺭﺽ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻻﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ. ﺗﻀﻴﻒ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺜّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺸﺄﻫﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬ ﺍﻟﻤﺼﻄﻨﻊ ﻁﺒﻘﺔ ﻣﺜﻴﺮﺓ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺿﺒﻂ ﺍﻷﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ. ﺃﺻﺒﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻖ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﻣﺘﺄﺻﻼً ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ. ﻭﺍﺳﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻭﺃﺻﺒﺢ جزءًا ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ‬ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﺾ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﺴﻜﻨﺪﺭﻱ‬.

‫ﺍﻟﺘﻤﺸﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻻﺕ ﻋﺒﺮ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻭﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺃﺣﻴﺎﺋﻬﺎ ﻭﺷﻮﺍﺭﻋﻬﺎ ﻭ ﺃﺯﻗﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻞ أسماء ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺘﻤﺜﻴﻞ ﻟﻠﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻳﻤﺜﻞ ﺗﺤﺪﻳًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻣﺤﺎﻳﺪ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﺑﺼﻔﺘﻲ ﺇﺳﻜﻨﺪﺭﺍﻧﻴًﺎ‬ ﻭﻣﺮﺍﻗﺒًﺎ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ. ﺣﺎﻟﺔ مزدوجة ﻗﺪ ﺃﻧﺠﺢ ﻛﺒﺎﺣﺚ ﻭﻓﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﺧﻔﺎﺋﻬﺎ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻣﺎﺕ. ﻭﻟﻜﻦ، ﺑﺼﻔﺘﻲ مهندسًا معماريًا، ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ دائمًا. ﻓﻔﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺃﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ مجبرًا ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻧﺴﺦ ﻁﺒﻖ‬ ﺍﻷﺻﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻓﻔﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ، ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻳﻮﻥ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻗﻴﻢ ﻭﺭﻏﺒﺎﺕ ﻋﻤﻼﺋﻬﻢ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ‬.

‫ﺧﻼﻝ ﺣﻮﺍﺭﺍﺗﻲ ﻭﻣﻘﺎﺑﻼﺗﻲ، ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ عددًا كبيرًا ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻳﻌﺒﺮﻭﻥ ﻋﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﻮﻗﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺯﻣﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ، ﺃﻭ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ، ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ‬ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ، كلًا ﺣﺴﺐ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﺃﻥ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻳﺤﻨﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﻓﻬﻢ ﻳﺤﻠﻤﻮﻥ ﺑﺄﻳﺎﻡ ﺃﻟﻘﺎﺏ ﺍﻟﺒﺎﺷﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﺎﻫﻮﺍﺕ‬ ﺍﻟﻤﻠﻐﺎﺓ ﻭﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻤﺼﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ. ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺷﺮﻛﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ مشكوكًا ﻓﻴﻬﺎ، نظرًا ﻷﻧﻬﻢ ﻭُﻟﺪﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺑﻔﺘﺮﺓ‬ ﻁﻮﻳﻠﺔ‬.

‫ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ‬

‫ﺧﻼﻝ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺼﺮ نموًا ﻭﻁﻨﻴًﺎ كبيرًا ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﻤﻮﺣﺔ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻭﺃﺳﺮﺗﻪ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺣﺘﻰ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ﻭﻗﺪ ﺳﻌﻰ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠّﻢ ﻓﻲ‬ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﺎﺭﻳﺲ، ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻠﻬﻤﻮﺍ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﻩ ﻫﻨﺎﻙ. ﻭحرصًا ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻫﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ، ﺳﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻨﺴﺎﺥ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﺻﻤﺔ‬ ﻣﺼﺮ ﻭﻣﻴﻨﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ، ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ.‬

‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻓﺸﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﺭﻓﺾ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺗﺴﻢ ﺑﺎﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ. ﻋﺪﻡ ﺍﻁﻼﻋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺣﺪ ﻣﻦ‬ ﻓﻬﻤﻬﻢ، ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﻘﻠﻴﺪﻫﻢ ﻟﻠﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ. ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻮﺍ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺃﺟﺰﺍء ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻟﺘﺸﺒﻪ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ، ﺑﻞ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﻨﺸﺎﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻭﺗﺼﺪﻳﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ‬ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ. ﻓﻘﺪ ﺣﺜﻮﺍ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻭﺍﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺼﻮﺭﻳﻦ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺓ ﻟﻤﺼﺮ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﻬﻢ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ‬.

‫ﻭﻻ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺠﺬﺏ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻏﺎﺭﻗﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺎﺿﻴﻬﻢ ﻭﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‬ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺤﺮﻫﻢ ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻕ، ﻛﺎﻥ ﻳُﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻝ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻫﺎ. ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ؛ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺫﺍﺕ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻋﺮﻳﻖ، ﻭﺳﻠﻄﺎﺕ ﻣﻀﻴﺎﻓﺔ،‬ ﻭﺍﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﺍﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺷﻌﻮﺭﻫﻢ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ‬.

‫ﻭﺑﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺼﺮ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﺃُﻟﻐﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻭﺗﺤﻮﻟﺖ ﻣﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﺃﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ‬ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ. ﻭﻓﻘﺪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ، ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﻴﻦ‬.

‫ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺻﻌﺒﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﻳﺮﻛﺰﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎء ﺩﻭﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻏﺎﺩﺭﻭﺍ ﻣﺴﻘﻂ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻁﻦ. ﻭﺳﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺗﺬﻛﺮ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻗﺼﺼﻬﻢ. ﻛﺎﻧﺖ‬ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺗُﺮﺳﻞ ﺑﺎﻟﺒﺮﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺬﻛﺮﺍﺕ ﺗُﻜﺘﺐ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﺗُﻨﺸﺮ ﺑﻠﻐﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ. ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻳﺴﺮﺩ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ، ﻭﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺮﺩ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴًﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ‬ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‬.

‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ‬

‫ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﺓ، ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﻮﺯﻣﻮﺑﻮﻟﻴﺘﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﺓ، ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ. ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻓﺼﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ‬.

‫ﺩﻋﻮﻧﺎ ﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ. ﺍﺗﺨﺬ ﺍﻟﻤﺼﻮﺭ قرارًا ذاتيًا ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻷﻛﺒﺮ. ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ. ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻣﺼﻤﻤﻬﺎ ﻟﻨﻘﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ‬ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ. ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻣﺼﻮﺭ «ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ» ﺑﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ. ﻓﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻟﻢ ﺗﻠﺘﻘﻂ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻤﻮﺣﻠﺔ ﺃﺛﻨﺎء ﻫﻄﻮﻝ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ‬ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ «ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻄﺮ». ﻭﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻼ ﺗﻐﻴﻴﺮ. ﻓﺎﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺼﻮﺭﺍﻥ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﺑﺘﺮﻛﻴﺰﻩ‬ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ. ﺇﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻳﺘﺮﻙ ﻓﺠﻮﺓ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻖ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ. ﻓﻤﻦ ﺩﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﺮء‬ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻣﻀﻠﻠﺔ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻉ‬.

‫ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻣﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺛﻮﺭﺓ ‪ 2011‬ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. ﻓﺘﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺒﻼﺩ، ﻭﻫﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺻﻌﺒﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ‬ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﻻ ﺗُﻌﺪ ﻭﻻ ﺗُﺤﺼﻰ، ﻣﺎ ﻳﺤﻮﻝ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ، وﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻭﺗﻌﺎﻧﻲ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻣﻦ ﻧﺴﺨﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ‬ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ. ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻮﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ. كثيرًا ﻣﺎ ﻳﺨﺒﺮﻧﻲ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻗﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ، ﺗﻮﺍﺟﻪ‬ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ أيضًا ﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﺗﻠﻮﺡ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ، ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺨﺘﺎﺭ ﺃﻥ ﻧﻐﺾ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻋﻨﻬﺎ. ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ، ﻳﺒﺤﺚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﻭﺍﻟﻤﺮﻳﺢ؛ ﺳﻮﺍء ﻋﻨﻰ ﺫﻟﻚ‬ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺰﺍء ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻳﺘﺴﻠﺢ ﺍﻵﻥ ﺑﺼﻮﺭ ﻭﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻟﻤﻦ ﻏﺎﺩﺭﻭﺍ ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﻴﻠﺘﻬﻢ‬ ﺍﻷﻓﻀﻞ: ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬.

‫ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﻁﺒﻘﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ؟ ﺣﻨﻴﻦ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﻮ ﺣﻨﻴﻦ لماضٍ ﺃﻓﻀﻞ، ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺣﻨﻴﻨًﺎ ﺇﻟﻰ ﺯﻣﻦ ﻗﺪﻳﻢ ﺧﺎﺹ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ‬.

النسخة باللغة الانجليزية

 

محمد جوهر هو مهندس معماري وفنان مختص بالتراث الحضري المصري. يختص عمله بشكل أساسي بالبحث في الأصول التاريخية للتخطيط الحضري والتطور المعماري للمدن في سياق المجتمع المعاصر والتاريخ الاجتماعي. يعمل بين الإسكندرية ومرسيليا كمستشار ثقافي مستقل للتعاون المتوسطي في المؤسسات الأكاديمية والثقافية. في أبحاثه الثقافية، يستخدم مزيجًا من الدراسات الاجتماعية والممارسات المعمارية لمراقبة ودراسة الديناميكيات الاجتماعية والثقافية للإسكندرية المعاصرة وتأثيرها على تطور البيئة الحضرية والعمرانية للمدينة. يدرس ويحلل السلوكيات المجتمعية لسكان المدينة، مع التركيز على تعزيز الفهم المحايد للقيم والثقافات المتغيرة.

الإسكندريةبروستمحمد جوهر

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Become a Member