الراي لم يمت، مسلسل جديد في فرنسا يحتفل بهذا النوع

20 فبراير، 2023

يحمل المسلسل الفرنسي على قناة Arte TV عنوانًا إنجليزيًا، ولكنه يبحث في تاريخ نوع موسيقي جزائري شهير قريب من الشعبي.

 

ميليسا تشيمام

 

لطالما عُدت موسيقى الراي الموسيقى التصويرية لجزائر ما بعد الحداثة وما بعد الاستعمار، حيث تطورت من الأغاني الشعبية الشعبية إلى مزيج راقص معاصر مولَّف آليًا. أدرجت اليونسكو الراي في ديسمبر 2022 في قائمة "التراث الثقافي غير المادي للبشرية"، للراي صحافة كبيرة وفقيرة في الوقت نفسه، وأصوات أسطورية وورثة ضارون. لكنه استمر لعقود، ولا يزال هذا النوع يحظى بالتبجيل من قبل الكثيرين في شمال إفريقيا وأوروبا وخارجها. (يمكنك زيارة Muziekweb للحصول على كتالوج موسع لألبومات الراي).

أحدث مثال على إرث الراي الدائم هو المسلسل التلفزيوني الفرنسي الجديد الراي لم يمت الذي أنتجته القناة التلفزيونية الفرنسية الألمانية ARTE و ZED Production. تتتبع الحلقات الوثائقية الدي جي الجزائري الفرنسي وجامع التسجيلات الحاج سمير، حيث يأخذ المشاهدين في رحلة من باربيس روشوارت في باريس إلى الوطن الأم؛ وهران والجزائر العاصمة، بالإضافة إلى بؤر الراي مثل ليون ومرسيليا.

 

يتساءل سمير: "كيف تمكنت موسيقى وُلدت في وهران في السبعينيات، تدمج الإيقاعات الجزائرية التقليدية مع الآلات الحديثة، وتحكي عن الحب والحفلات المليئة بالكحول والحياة اليومية، من غزو العالم كله؟ ثم لماذا اختفت؟"

تجيب نعيمة هوبر ياهي، إحدى المؤرخين الرئيسيين الذين ظهروا في الحلقة الأولى: "الراي لم يمت. لم يمت قط. إنه يعود دائمًا". تعرف نعيمة الموضوع، وقد كتبت مرات عديدة عن الموسيقى الجزائرية، ورعت أيضًا معرض دوس فرانس العام الماضي حول أسطورة الموسيقى الجزائرية رشيد طه، وهو حدث قمت بتغطيته لصالح مجلة المركز.

بعد أن عشتُ في باربيس (حيث يبدأ المسلسل) لمدة سبع سنوات، كنت دائمًا على دراية تامة بالعديد من أماكن الإرث المحيطة بالراي في هذا الحي المكتظ بالسكان والشعبي والودود بشغف في باريس، الذي يتميز بالثقافات العربية أو الأفريقية في كل زاوية شارع. هذا هو أحد أماكن ولادة موسيقى الراي، بباراته القديمة حيث عاش بعض المطربين الأسطوريين وتنفسوا ليلًا ونهارًا من بين مهاجرين آخرين، وبمحلات الكاسيت والتسجيلات القديمة.

هذا هو المكان الذي يبدأ فيه سمير رحلته للسلسلة الوثائقية. منذ الدقائق الأولى، ما يجعل المسلسل ممتعًا بشكل أساسي هو شخصية سمير الدافئة، واهتمامه الشغوف والأصيل بالموسيقى، واتصاله الإنساني بالخبراء والموسيقيين الذين يغامر بإجراء مقابلات معهم.

سمير من مواليد سان جيرمان أونلي، في الضواحي الغربية لباريس، هو نفسه ابن الشتات الجزائري. إنه ينتمي إلى "جيل عاش العصر الذهبي للراي، ثم شهد تطور هذا النوع، ويحاول الآن العثور على المعنى الذي كانت تحمله هذه الموسيقى بالنسبة إلى آبائنا"، كما قال للمجلة الثقافية الأسبوعية الفرنسية Télérama في أوائل فبراير، عندما بُثَّت الحلقات الأولى.

تتمحور السلسلة حول مجموعته الشخصية من أشرطة الكاسيت والتسجيلات القديمة، ومهمته في إنشاء "شريط مختارات مختلط" بالإضافة إلى جمع قصص الممثلين والأصوات الرئيسية لهذه الأنثروبولوجيا الجزائرية.

يبدأ بقادة رائدين في هذا النوع، من بينهم الشاب خالد وشيخة ريميتي وبوتلجة بلقاسم، ثم يشرع في "تحقيق ميداني حقيقي"، وكأنه مثل "إنديانا جونز وسفينة الراي المفقودة"، كما يقول مازحًا. هذه الأسماء الثلاثة، كما يشير سمير، اكتسبت شهرة عالمية. وينطبق هذا بشكل خاص على خالد، الذي قام بجولة عبر ثلاث قارات - وهي الأولى لموسيقي شعبي معاصر من شمال إفريقيا.

 

 

كانت شيخة ريميتي (1923-2006) واحدة من الأصوات النسائية النادرة في الراي الجزائري التي أدارت حياتها المهنية بنجاح في بيئة معادية جدًا للنساء. عرفت عالميًا باسم ريميتي، ونشأت يتيمة فقيرة، بعد أن توفي والداها خلال الاحتلال الفرنسي العنيف للجزائر. بدأت الغناء في سن 15 عامًا، وانضمت إلى مجموعة من الموسيقيين الجزائريين التقليديين. بدأت في كتابة أغانيها الخاصة في العام 1943، وتناولت في شعرها الحياة الصعبة التي يتحملها الفقراء الجزائريون، وملذات الحب، والعون الذي يقدمه الكحول والصداقة، وحقائق الحرب.

 

 

دعيتُ لمشاهدة عرض خاص لـ الراي لم يمت من قبل دي جي فرنسية جزائرية، فائزة ليلو (المعروفة باسم لا لوف)، وصديقها، فنان الموسيقى الإلكترونية التونسي الموهوب بشكل لا يُصدق وائل غولة، الذي سأكتب عنه في الجزء التالي من مقالي الشهري. أقيم العرض في معهد العالم العربي، المتحف الباريسي المخصص للثقافات العربية منذ افتتاحه في العام 1987.

كانت قاعة السينما الضخمة مزدحمة. كان بعض نجوم الفيلم من بين الجمهور، أظهر المشاهدون عدة مرات ردود أفعالهم العاطفية على التصوير الأيقوني على الشاشة للثقافة الفرنسية الجزائرية بصوت عال جدًا، وغالبًا ما كانوا يضحكون، ما كان مبهجًا بشكل إيجابي.

في مناقشاتي مع بعض الحاضرين في ما بعد الحفلة، علمت أن الراي كان بالنسبة لمعظمهم رمزًا للمتعة والحيوية والمقاومة، خاصة خلال عقد الحرب الأهلية في الجزائر، التسعينيات، عندما كان من المستحيل التعبير عن مثل هذه المشاعر. بالنسبة لي أيضًا، ظل الراي أحد الظواهر الإيجابية النادرة التي خرجت من بلد والدي خلال تلك الحقبة العصيبة. أتذكر أنه في العام 2000، عندما عدت إلى الجزائر العاصمة لأول مرة منذ العام 1992، اجتمعت مع أبناء عمومتي، الذين أصبح أحدهم دي جي شهيرًا. كانت غرفة نومه مليئة بأقراص الراي المدمجة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي نحتفل فيها منذ سنوات. قدم لي بعض الأقراص المدمجة التي احتفظت بها لأطول فترة كتجسيد معاصر نادر لثقافة المرح والتكاتف الجزائرية، بعد عقد من الحرب والإرهاب والغياب والحداد.

 

 

جاء في بيان اليونسكو: "موسيقى الراي وسيلة لنقل الواقع الاجتماعي بلا محرمات أو رقابة، تتطرق إلى مواضيع مثل الحب والحرية واليأس والضغوط الاجتماعية... كانت تمارس في الأصل في المناطق الريفية، من قبل الكبار الذين غنوا النصوص الشعرية باللغة العربية العامية، برفقة جوقة تقليدية. في مطلع القرن العشرين، أضافت المغنيات الرئيسيات أفكارًا متقدمة، وغنين عن حرية الحب والرغبة، بينما يمجدن الله والقديسين".

مع مرور الوقت، حصل الراي على الإشادة تدريجيًا: أولًا على المستوى الوطني، خلال الطقوس وحفلات الزفاف، ثم على المستوى العالمي، وذلك بفضل فنانين مثل خالد ومامي، الذين نقلوا العروض من الأماكن المغلقة إلى الأحداث الثقافية والاحتفالات الكبيرة والمهرجانات الوطنية والدينية. يضيف بيان اليونسكو: "إن رسالة الراي المتمثلة في الحرية والتجاوز أصبحت عالمية، يحملها الشابات والشبان الذين يغنون ويرقصون لشباب بلادهم وبقية العالم".

 

 

في مقال نُشر مؤخرًا بعنوان: من المناطق النائية الجزائرية إلى اليونسكو: ملحمة الراي المذهلة، كتب الصحفي والمؤلف الجزائري عبد الشريف أن الراي: "رافق التغيرات الاجتماعية في البلاد لمدة قرن... وخرج من الحي اليهودي ليثبت نفسه كأكثر الأنواع الموسيقية أناقة في الجزائر قبل أن ينتشر دوليًا". وأضاف أن: "الراي أصبح غابة، حيث يقوم الجميع بقرصنة الجميع. ولم يكن مفهوم حق المؤلف معروفًا. لم تبدأ الأمور في التغير حتى نهاية الثمانينيات، مع الانتشار الدولي للراي".

في الراي لم يمت، يروي سمير المشاكل التي مر بها النوع الموسيقي بينما لا يزال يشارك حبه لأفضل لحظاته، ويجد النجوم الصاعدة الجديدة لإحيائه المحتمل.

لا يزال الراي غير معروف نسبيًا في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، ولكن مع هذه السلسلة الوثائقية، أشادت فرنسا أخيرًا بهذا النوع، الذي بالكاد اعترفت به لعقود.

 

شاهد الراي لم يمت على ARTE TV. 

تعليقان

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *