آلهة بعشر أذرع

9 December, 2024
Walid Al-Masri Chairs mixed media 2022
وليد المصري (مواليد دمشق 1979)، بلا عنوان 1، وسائط مختلطة، 2007 (بإذن من الفنان، walidalmasri.net).
رهن التحقيق، ينتظر وزير سوري مصيره المجهول.

 

عدي الزعبي

 

الزمن يطول ويطول ويطول. نصف ساعةٍ كأنّها دهر. نصف ساعةٍ من مزرعته في «بلودان» إلى مكتب العقيد في «فرع الخطيب». يتمنّى لو يستيقظ من هذا الكابوس. تذكّر طفولته، كان دوماً يتمنّى لو يستيقظ فجأةً ممّا يحيق به، لو تكون الحياة حلماً. لحظات الذعر الرهيبة تلك، لحظات الانتظار قبيل الضرب المبرّح. الضرب بحدّ ذاته لم يكن مؤلماً، ولكنّه الانتظار، ورؤية الغضب في عيني أبيه. نسي تماماً كلّ ذلك، منذ توقّف أبوه عن ضربه بعد حصوله على شهادة «الكفاءة». أربعون سنة. الوقت يمضي سريعاً حينما نكون سعداء، وبطيئاً جدّاً في الأزمات، في الكوابيس، في الانتظار. يُفكِّر في معنى الوقت. يريد «أبو المجد» أن يراه، ولا يعرف نتيجة اللّقاء. أبو المجد صديقه، ولكنّه ليس مُقرّباً. لا توجد صداقةٌ مع ضبّاط المخابرات. تذكّر لقاءاته المبكّرة معه. كان الضابط الشابُّ واعداً، ومرحًا. صعوده التدريجيُّ الثابت، ثمّ حلفهما في مواجهة «أبو النور». اليوم، أبو المجد مكلَّفٌ بهذا اللّقاء. لا يعتقد أنَّ «أبو المجد» يؤذي الناس في هذه الأيّام، ولكنّه كان عنيفاً جدّاً في الثمانينيّات. كلّهم كانوا عنيفين. هو نفسه حمل سلاحاً، في البيت وفي السيّارة، سلاحاً من الحزب. لم يسترجعوه إلّا في منتصف التسعينيّات. لم يستخدمه يوماً، لم يهتمّ به. يتذكّر السهرات الطويلة، ولعب الورق وطاولة الزهر، في الوزارة وفي المقاهي، أيّام استدعوا الحزبيّين للسهر في المرافق العامّة، لحمايتها في مناوباتٍ ليليّة. كان من القلائل الذين عرفوا ما حدث في حماة بالضبط في ذلك الوقت. يتذكّر ابنَ عمِّه المتزوِّج بحمويّة، واللّيلة التي قضاها في بيتهما، ثمّ ترتيب سفره، بعد أيّامٍ من اقتحام المدينة، إلى السعوديّة. بقيا على تواصل. رتّب له عودته في سنة 1993. أبو المجد ساعدهما. طلب مبلغاً كبيراً. ما الذي دفع الطرفين إلى كلّ هذا العنف؟ لم يفهم تماماً. لم يُرِد أن يسأل أكثر. ابن عمِّه حدّثه عن الاغتصاب، عن قصف الطائرات، عن التجويع، عن الإعدام الميدانيّ. ذُهل، وتناسى كلّ ذلك بعد أيّام. يعرف أنّ ما حدث هناك غير مقبول، ولكنّه دوماً يقول لنفسه، بتردُّدٍ أحياناً، لم يكن بإمكانه فعل شيء. مَن في كلّ سوريا، كان باستطاعته إيقاف المذبحة؟ يتذكّر السلاح الآن. فكّر البارحة في الانتحار. هو من القلائل الذين يعتقدون بأنّ محمود الزعبي انتحر. عنده دلائل معقولة.  ليس متأكّداً مئة بالمئة. عرقٌ باردٌ على جبينه. يمسحه بيدٍ مرتجفة. ولكنْ لا. حتّى لو سجنوه، هنالك حلول. ليلة البارحة، زار «أبو شادي». يرى شاحنةً تابعةً للجيش على جانب الطريق، عند مفترق الطرق المؤدّي إلى «الهامة». معطوبة. عشرات الشباب مُكدّسين في داخلها، يُدخِّنون بشراهة. بَرْد. أخبره أبو شادي أنّ السجن مسألةٌ بسيطة. ثلاثة أشهرٍ ويخرج. لم يصادروا الكثير من المال. فقط المبلغ الذي قبضه على القضيّة التي حُبس فيها، بالإضافة إلى الرشا الكبيرة التي اضطرّ إلى دفعها هنا وهناك في أثناء التحقيق. اقتنع. أبو شادي أوّلُ وزيرٍ يحبسه النظام بعد حركة التحديث والتطوير. سرق سرقةً كبيرةً جدّاً، ولكنَّها كانت مع مسؤولين آخرين كبارٍ جدّاً. حبسوه وحْده، مع ثلَّةٍ من المسؤولين الأقلّ أهميّة. أبو شادي، همس له، لم يندم. يحبُّ «أبو شادي»، ويحبُّ صراحته. لا يحبُّ الكثير من المسؤولين الجُدد، أولئك الذين استقدمهم الرئيس من الخارج. لا يفقهون شيئاً، ولا يعرفون شيئاً عن البلد. فاسدون مثلنا، وأكثر، يؤكّد وزيرنا الغاضب. يُفكّر في مصير الناس: هو، ابن مُوظَّفٍ بسيط، يصعد ليصبح وزيراً، غنيّاً، ناجحاً؛ واليوم، يُهدِّده من أوصله إلى تلك المكانة بالسجن. لم يتوقّع أن يصبح وزيراً، لم يحلُم حتّى بمنصب مديرٍ عامّ. ولكنّ هذه الأمور تحدث. كان فخوراً بنفسه: يؤمن بأنّه عصاميٌّ، وبنى نفسه بنفسه. انطلق من طبقةٍ وسطى، وتدرّج في السلك الوظيفيّ. آمن باليسار، وبالحزب، وفعل كلّ ما باستطاعته خدمةً لهما. بيت الطفولة يعود إلى ذاكرته. فناجين شايٍ من الهند. أمُّه فخورةٌ بها بصورةٍ غير عاديّة. دائماً في الخزانة. استخدمَتها مرّتين فقط. أين اختفت؟ لم تجلبها معها عندما انتقلت من البيت القديم في «الميدان» إلى البيت الكبير في «ضاحية قدسيّا». كرهتْ البيت الجديد. كرهتْه كثيراً. ولكنّه أقرب إلى منزله ومنازل إخوته. اقتنعت  على مضض. فناجين الشاي، كيف وصلت من الهند؟ هل هي حقّاً من الهند؟ فناجين ساحرة، عليها رسوماتٌ غريبة. وحوشٌ مثيرةٌ، بعضها مخيفٌ، وأُخرى طيّبة، مُلوَّنةٌ بالأحمر والأزرق والورديِّ والأصفر وبألوانٍ فاقعةٍ أُخرى. أخبرهم جارٌ شركسيٌّ مُهتَمٌّ بالأديان بأنّها ليست وحوشاً، بل آلهة: الربّة الزرقاء بعيون حمراء ولسانٍ ممدودٍ وأربع أذرعٍ تقف على جسم رجُلٍ مُلقى على الأرض أمامها: ربّة الحرب. هذا الرجل، يشرح الجار، زوجها إله المحبة، والموت أيضاً. حاول تهدئتها بعد أن قتلت عشرات الشياطين، وقد اشتُهِرت بنوبات غضبها، فرمى نفسه عند قدميها. زوجها نفسه غضوبٌ أيضاً، ويحبُّ الرقص، والزهد. على فنجانٍ آخر يرقص الإله نفسه في دائرةٍ يلتفُّ حولها ثعبان، رافعاً قدماً واحدةً في الهواء، وستّ أذرع. كانوا يخافونه، بل وربّما يلعنونه، عندما يُصلّون له. الوحش الأخير في ذاكرته إله الكتابة، أحمر اللّون، برأس فيلٍ، وجسم إنسانٍ، وابتسامةٍ ساحرةٍ مطمْئنة. هو ابنهما: قتله الأب بقطع رأسه في لحظة غضب، ثمّ ركّب له رأس فيلٍ وأعاده إلى الحياة. بطنه كبيرٌ وله سنٌّ واحدة. غريبة آلهة الهنود هذه، يا جماعة. لا يتذكّر أسماءها الآن. آلهةٌ تبطش وترقص وتحارب وترحم، في الوقت نفسه. أين الفناجين؟ سيسأل أمّه. نسيها تماماً لعقودٍ ونسي هذه الوحوش المضحكة المخيفة. اليوم، تتخبّط ذاكرته في مشاهد غريبة. يحاول أن يهدأ. اختفى الشركسيّ، عاد إلى بلاده بعد سقوط الاتّحاد السوفييتيّ. سبحان الله. خمسون سنةً في سوريا، ثمّ يغادر عند أوّل فرصة. يتنهّد. يتذكّر مرض الأب، وقعوده في المنزل مشلولاً عاجزاً. محمود، الشاب المنطلق، يتحمّل مسؤوليّات بيته وبيت أبيه. لم يتذمّر يوماً، ولم يُقصِّر مع أحدٍ من العائلة. تغيّرت أمُّه مع قعود أبيه في البيت. أصبحت أكثر حناناً على الأب، وأقسى على أطفالها. لم يفهم محمود ذلك. وضعت الحجاب وأصبحت تُصلّي وتصوم كثيراً. دخلت في علاقاتٍ مع تلك الشبكات المُتديّنة التي انتشرت في دمشق وحلب بعد أحداث الإخوان. راقب محمود أمّه عن كثب. لم يسألها عن شيء. هي انتقدته، مرّاتٍ قليلة، لشربه الويسكي وانقطاعه عن الصلاة. يصوم، كما يصوم الناس. ويفطر عندما يتعب. حتّى بعض المقرّبين تديّنوا، بوجلٍ وبدون علاماتٍ بارزةٍ كثيراً، في تلك الفترة. أحسّ بأنّ الناس تعبت، ولكنّه لم يُعر الأمر اهتماماً. أمُّه مريضةٌ جدّاً. يحزنه موتها وهو في هذه الأزمة. ستموت قبل أن تعرف مصيره. لا بأس. هذه هي الحياة. الرشوة الكبيرة مع رئيس الوزراء السابق في نهاية الثمانينيّات، ثمّ الترفيع الأكبر. يحاول رفع «الشاش» عن إصبعه، ثمّ يتركه. إصبعه مكسورة. البارحة صباحاً «ندوش» أجبرته على الاستلقاء على السرير، وقامت بكلّ العمليّة وحْدها، ضاحكةً، قائلةً إنّ الإصبع الصغير يؤثِّر على كلّ الأداء. ندى تؤمن بأفكارٍ غريبةٍ عن الطاقة والجسم والروح وتوازنهما. تحافظ على رشاقتها وعلى حميةٍ غذائيّةٍ متشدّدةٍ جدّاً. أستاذة رياضيّات. تعرّف عليها مصادفةً في اجتماعٍ حزبيّ. كانت تنتظر أختها، وهي رفيقةٌ ذات مسؤوليّةٍ رفيعة. تبادلا سلاماً سريعاً. عرف لاحقاً كيف يحوم حول بيتها، ويرتاد المقهى الذي ترتاده. ثمّ تطوّرت الأمور. أُعجبت به، ليس فقط لأنّه وزيرٌ وغنيّ. هذا ما قالته. وهذا ما صدّقه. أراد أن يُصدِّق ذلك. ولمَ لا؟ محمود رجُلٌ واثقٌ بنفسه، وسيمٌ، ناجحٌ، حاضر البديهة والنكتة. مَصّته بشبق. يعتقد أنّه يُحبُّها. تصغره بعشرين سنة. جميلةٌ جدّاً. أخبرها بعد المصّ. توقّع الأسوأ، ولكنّها قويّةٌ ومعطاء. لم تبكِ. تماسكت. لم تُلمِّح إلى تركه، ولا حتّى إلى الفراق المؤقّت. ستبقى معه، في السرّاء والضرّاء. موقفها أقوى وأفضل من موقف زوجته. سيُعوِّضها ما إن تنزاح غمامة التحقيق هذه. ماذا لو كانت كاذبة؟ ربّما ستهجره. لا بأس. هذا حقّها وحياتها. ما زالت شابّة. يتمنّى ألّا تفعل ذلك. ولكنّه لن يتفاجأ. التسريبات تقول إنّه لن يبقى في الوزارة. لا بأس. تذكّر يوم تسلّمه الوزارة، وفرحته، وفخره. من بين الكثير من الأصدقاء، وحْده نور الدين، المحافظ السابق، نصحه بالتروّي والتواضع. لم يفهم يومها. اليوم فهم. سيُكلِّمه لاحقاً. سيشكره. لم يحقّقوا مع نور الدين، لم يأخذوا منه ما اكتنزه. نور الدين صبور، ولا يتباهى، ولا يؤذي الناس. عرقٌ بارد. يخشى الإهانة. أكّد أبو شادي أنّهم لم يهينوا أحداً. ولكنّه لا يثق بهم، لا يثق بهم أبداً. على الأقلّ، أيّام حافظ، كنت تعرف مكانك، وتعرف أنّ التغيير بسيطٌ هادئ. اليوم، التغييرات متلاحقةٌ وسريعةٌ، والسرقات أكبر. يتذكّر وفاة أخته. سرطان رئة. عانت كثيراً. ذابت بين يديه. كلُّ المال، وكلُّ العناية، لم يساعداها. ماتت صبيّةً في الخامسة والثلاثين. كانت تحبُّ الطبخ، وتكره البطِّيخ. من يُصدِّق؟ هل من أحدٍ لا يُحبُّ البطِّيخ؟ منذ وفاتها، يغصُّ بالبطِّيخ. الله يرحمك، يا سعاد، يا زينة الصبايا. منذ البارحة وسعاد لا تفارقه، منذ أخبروه بأن ينزل إلى الفرع. بقيَتْ في ذهنه صورتان لسعاد: سعاد مُسجّاة، وهو يودِّعها. بكى. بكى أمام الناس. لم يبكِ أباه أمام الناس. يتحكَّمُ بنفسه دوماً. ولكنْ سعاد أخته الصغرى، يا جماعة. الصغرى! تموت في عزّ شبابها. أحبَّ سعاد كأنّها ابنته. عمليّاً هو الذي ربّاها. كان الأب مشلولاً والأمُّ قاسيةً منزوية. هو الذي تكفّل بسعاد. بكى في البيت بعد ذلك. يزور قبرها كلّ أسبوع. يذهب وحده. بدون الشوفير، بدون زوجته وأولاده. يذهب بمفرده ليزور سعاد. يمضي دقيقتين فقط. زياراتٌ قصيرةٌ جدّاً. يُكلِّمها، يُطمئنها على نفسه ويطمئنُّ عليها. يقرأ الفاتحة، يسقي القبر، يعطي «أبو العبد» نقوداً كي يرعاها في غيابه. سيزورها غداً، مهما كانت النتيجة اليوم. يبتسم لصورتها في زفافه. كانت صغيرة، في المدرسة الإعداديّة. لبستْ فستاناً أبيض. ورقصت وضحكت كثيراً. احتفظت بصورتها معه بجانب سريرها. حتّى بعد زواجها. أحبّت زوجته كثيراً. زوجته أيضاً دلّلت سعاد وأحبّتها بصدقٍ وعذوبة. الله يرحمك، يا أختي. عرقٌ باردٌ على جبينه. حتّى أقرب أصدقائه، السفير السابق مروان وصاحب مصانع الكونسروة تمَّام، والضابط في مصلحة الهجرة جورج، اختفوا جميعاً. لم يردُّوا على اتّصالاته. ابن عمِّه في الشرطة العسكريّة، وصديقهما المشترك محي الدين منذ أيّام المدرسة الابتدائيّة، المدير في وزارة الكهرباء، لم يفارقاه منذ البارحة. الأصدقاء الذين لا يفهمون في السياسة كلَّموه، بل وسهروا معه. أبو الوليد، حليفه الأوّل منذ التسعينيّات، لم يردّ. مديرو مكاتب بشار وماهر وآصف ومعاونوهم لم يردُّوا على اتّصالاته. شعر بفزعٍ غير محدود. في النهاية، كلَّمه بعد منتصف اللّيل بعض التجَّار الشوام، وأكَّدوا له أنّ الأمور «ستتلحلح». هؤلاء ليسوا أصدقاء ولا حتّى حلفاء. ولكنّهم يتابعون ما يحدث بدقّة، ويبنون علاقاتٍ متينةً مع الصاعدين، ومع الساقطين. أذكياء ملاعين. من سيضعون مكانه؟ في الوزارات ومناصب الدولة الرئيسة تقسيمٌ طائفيٌّ ومناطقيٌّ مُحكَمٌ صارم، وضعه حافظ الأسد. عبثت به عواصف التحديث والتطوير، لتضع علويّين في أماكن لا يجوز أن يكونوا فيها، كوزارة الداخليّة والدفاع. أخطاء كبيرة. ولكنّ التقسيم ما زال قائماً بالطبع. بعدها بنصف ساعة، مكالمةٌ صغيرةٌ مطَمئنةٌ من مكتب معاون رئيس الوزارة. سيقيله الرئيس. لا بأس. فوجئ بالقرار. هناك مشاكل وتحقيقات. ولكنّ الأمر لا يستحقّ. هل سيسجنونه؟ «لا أعتقد». يقول الرجُل، ثمّ ينهي المكالمة بسرعة. هل سيصادرون بعض الأموال؟ لا مشكلة في ذلك. كلُّ شيءٍ إلّا الإهانة، وهو لا يثق بهم. لو كان علويّاً لما خاف. لا يؤذون بعضهم من أجل المال. من أجل السُّلطة أجل، وبشراسةٍ وعنفٍ مخيفين. ولكنّهم يعملون معاً دوماً. إصبعه مكسورة، تؤلمه قليلاً. يتحسَّسها. سيّارة جاكوار أمامهم. يتعرّف عليها فوراً. فقط ثماني سيّارات جاكوار في دمشق. يعرفها جميعاً. حمقى، يتباهون بالمال في بلدٍ يراقب الكلُّ فيها الكلَّ باستمرار. على يساره جامع سعد بن معاذ، صلَّى على أبيه هنا. لم يصلِّ في الحقيقة. قلَّد حركات الناس. نسي كيف يُصلّي الناس. نصف أصدقائه أصبحوا مُتديّنين في السنوات الأخيرة، حتّى أولئك الذين كانوا يسكرون كثيراً ويشتمون الدين والآلهة. في شبابه، كان من يسار حزب البعث، الأكثر ابتعاداً عن التقاليد الدينيّة. لذا، عندما بدأت أحداث الإخوان، تشبّث بالحزب. أصوله الريفيّة جعلته مرتاباً في حراك الإخوان. تعاطف مع الانتقادات الصائبة من أطرافٍ كثيرة، ولكنّه اعتقد أنّ الأمور يمكن أن تُحلّ ببساطةٍ لو تدخّلت القيادة. لم يهتمّ بما يفعله الأمن كثيراً. ولكنّه بدأ يشكُّ بمواقفه مع تصاعد نفوذ رفعت. أخوه الأصغر تعرّض للضرب المبرِّح من قِبل عناصر سرايا الدفاع في طابور الخبز. يتذكّر الآن الفتى المُدمّى وأنفه المكسور، وقميصه الأبيض الممزّق. الأخ الصغير بكى بسبب القميص. قميصٌ جميلٌ اشتراه من مُهرّبٍ يعمل على «خطِّ لبنان». يبتسم وهو يتذكّر كلّ الحزن على القميص. يلجأ وزيرنا إلى الله هذه الأيّام أحياناً. خصوصاً عندما يمرض أحد أولاده. ابنه الأكبر يعاني من مشاكل في الكلية. يدعو الله له، على الرغم من أنّه لا يعتقد أنّ الله يتدخّل في حياة الناس. يُؤرّقه وضع ابنه الصغير أيضاً. ربَّما لأنَّه وُلِد في أيام العزّ. الإخوة الأكبر ذاقوا معه طعم الفقر، وعرفوا معنى أن يعتمدوا على أنفسهم. لكنّه أخطأ بحقّ الصغير. ساعده في المدرسة على النجاح في الكثير من الموادّ الدراسيّة، وأخرجه من السجن أيّام المراهقة أكثر من مرّة، حتّى بعد قصّة الحشيش المدوّية. أمضى سنتين في روسيا لدراسة الطبّ، عاد بعدها سكّيراً مدمناً. يسرقه حرفيّاً. يزوّر إيصالات المكتب، ويتآمر مع أمّه كي يخفيا عنه ما يصرفه. الأمُّ دلَّلته منذ نعومة أظفاره، وكذبت دوماً فيما يخصُّ مصروفاته. حراميٌّ وحشّاش. يعرف أنَّ من حوله سيُدبِّرون أمورهم لو حدث له أيُّ مكروه؛ زوجته والولدان الأكبر والبنت، وحتَّى ندوش، وإخوته وأخواته. ولكنّ البغل الصغير سيضيع تماماً. لن يساعده إخوته. قالوا ذلك صراحةً بعد أن سُجن في بيروت يومين في قضيّة مُخدِّرات. يؤنِّبه ضميره. هو زاد في دلاله وأفسده. عرقٌ باردٌ على جبينه. يمسحه بيدٍ مرتجفة. يتذكّر أباه، ووفاته المفاجئة. تعِب ليلاً، ثمّ مات صباحاً. لم يكن متعلّقاً بأبيه كثيراً. الأمر غريبٌ جدّاً! عاش أبوه عاش في عزلةٍ اجتماعيّةٍ، لم يكن له أصدقاء كثر، ولا علاقاتٌ عائليّةٌ قويّة. يبدو أنَّه لم يحبّ الناس. يتذكّر جيّداً المرّات القليلة التي حدّثه فيها أبوه عن طفولته في ثلاثينيّات القرن المنصرم: طفولةٌ قاسيةٌ عنيفةٌ جدّاً، أعنف حتّى من القصص التقليديّة. الجدُّ، جدُّ الوزير، عاملَ أولاده معاملةً تكاد تقترب من التعذيب. هرب الجدّ إلى السويداء بعد حادثةٍ غامضة، قُتِل أخوه فيها. ثمَّ عاد بعد سنواتٍ كثيرة، مع زوجةٍ مسيحيّةٍ لطيفةٍ من عائلةٍ فقيرةٍ جدّاً، وخمسة أطفال. يعتقد البعض أنَّ الجدَّ هو القاتل. أبوه يصدِّق ذلك. يغوص في كرسيّه. لم يُفكّر في هذه الأمور لزمنٍ طويل. المقتول تحرّش بأخته الصغرى. اغتصبها. أجل. سِفاح القربى. فقتله الجدّ. قتل الأخ أخاه. قصّةٌ مخيفةٌ، حقيرةٌ، مملوءةٌ بالسفالة. لا يعرفها أحدٌ على الإطلاق، ولم يخبر بها أحداً. أمُّه فقط تعرف. والآن هو وزير، وزيرٌ كبيرٌ «قدّ الدنيا»، وغنيٌّ، وناجحٌ، ومحبوب. لم يكن فاسداً– أي أنَّه لم يكن يعتقد أنَّه فاسد. يبتسم قليلاً، حين يتذكّر كلّ المال الذي جمعه. بصدق، لا يعتقد أنّه سرق، ولكنّه يعرف أنّه استفاد من منصبه. الفارق كبيرٌ بين الأمرين. السارق يفسد المشاريع ويسرق مالاً من الدولة. المستفيد، برأي وزيرنا، يدخل في صفقاتٍ ومشاريع، ويقبل هدايا، ويساعد من يساعده، وهكذا. ولكن هناك حدودٌ يقف عندها. في الحقيقة، الكثير من الحدود. العائلة خطّ أحمر، والاستغلال الجنسيّ خطّ أحمر، وأذى الناس وكتابة التقارير فيهم خطّ أحمر. وزيرنا يضع خطوطاً حمراء أُخرى كثيرة. أحياناً تضيع الخطوط. في إحدى المرّات رشى أحد أقاربه الجماركَ عن طريقه، أخذ نسبةً كبيرةً من الرشوة. لم يخبر قريبه بذلك. هل هذا مقبول؟ ربّما. على أيّ حال، المال كثير. جزءٌ منه في بيروت، وجزءٌ آخر في مصر، وجزءٌ صغيرٌ في ألمانيا. ساعد الأهل، والجيران، والأصدقاء بهذا المال، وتبرّع وتصدّق كثيراً. أرضى ضميره. ليس تماماً، ولكنّه لا يخاف العقاب. يعتقد أنّ الله سيغفر له. يعرف الله الظروف التي مرّ بها، والتي مرّ بها البلد. يعرف الله أنّه ليس مسؤولاً عن المجازر، ولا حتّى عن الفساد، ويعرف أنّه لولا المال لجاع أهله. أولئك الذين في القمّة مسؤولون عن كلّ شيء. يُطمئن نفسه. يتحرّك فيه شيءٌ آخر اليوم. يطرده من أفكاره بسرعة. لو اختار طريقاً آخر، لما كان الآن في هذه السيّارة مُتّجهاً إلى ذلك المكان الموحش، إلى امتحانٍ أخيرٍ في حياته. بعد حرب الخليج، وانفتاح البلد الاقتصاديّ، وقانون الاستثمار رقم عشرة، تحوّل وأصحابه من المسؤولين والضبّاط إلى تجّارٍ، أو شركاء للتجّار في كلّ شيء. يحاول أن يضبط أعصابه. ينظر إلى السائق. هل يعرف بخوفه وذعره هذا؟ هذه المرّة الأولى في حياته التي يركب فيها في المقعد الخلفيّ. السائق مسكين، وطيّب. يُساعده الوزير كثيراً، ويساعد ابنه الأعرج. وظَّفه في الشرطة. يعرف أنّ السائق يحبُّ النساء. تزوّج أربع مرّات، وعنده سبعة أولاد. يبتسم حين يتذكّر شبابه، كان يؤمن بأنّ الناس متساوون، بأنّهم يجب أن يتمتّعوا بالحقوق نفسها. كان ذلك منذ ثلاثين سنة. أمّا اليوم، فلا يعرف بماذا يؤمن بالضبط. الاشتراكيّة سقطت، وما زال مُتشككاً في الرأسماليّة. عمليّاً، لا يعنيه ذلك. كلّ القرارات يتّخذها أولئك الذين في الأعلى؛ وهو يتابع، بحذرٍ شديد، ويميل مع الريح. هذه المرّة، لم يفهم ما حدث. ربّما أخطأ في مكانٍ ما. لم يُتابع التغيُّرات المتسارعة في الأجهزة الأمنيّة بتأنٍّ. رئيس الوزارة الجديد غريب الأطوار. مستشارو الرئيس مغرورون لا يستمعون إلى أحد. مثقّفون، ومتثاقفون، ومدّعون. يحاول أن يتذكّر بعض قراءاته أيّام الشباب. كان يقرأ قليلاً. من دار رادوغا ودار التقدُّم منتخبات لماركس وإنجلز ولينين. قرأ الشعر العربيّ، العباسيَّ والجاهليّ. أحبَّ البحتريّ. القليل من الروايات. قرأ أيضاً «الأيّام»، وتوفيق الحكيم والعقَّاد. قرأ غوركي و«آلام فارتر». كان الشيوعيُّون في الحارة يقرؤون أكثر من غيرهم. المتديّنون يقرؤون كتب دينٍ أيضاً. لم يقترب منهم. قرأ القرآن مرّتين. لم يرتح للفنّانين والمثقّفين، وسهراتهم وكحولهم. كما أنّ نسبةً منهم عارضوا النظام منذ السبعينيّات، أو تذمّروا. لم يُرِد أن يرتبط بهم. أحبّ رسّامةً لمدّةٍ قصيرة. دخل معها في علاقةٍ عاصفةٍ لمدّة أسبوعين. ثمّ تخلّت عنه. أحزنه الأمر، ولكنّه تقبّله بروحٍ رياضيّة. ثمّ توقّف عن القراءة. الوقت، والمشاغل. لا فائدة من القراءة. أمين فرع الحزب نفسه والقيادة القطريّة كلُّها، لم يفهموا ما يحدث مع هؤلاء المستشارين الكثر، الجُدد، المعطَّرين الناعمين حليقي الشوارب. ولكنَّهم، وهنا يضحك الوزير وحْده؛ أقوياء علينا جبناء مع المخابرات! أها! لا بأس. سنةٌ ونصف فقط في الوزارة! يا له من زمنٍ قصير. يعصف بذهنه فجأةً بكاءُ الزوجة. لا يريد أن يفكِّر فيها. بكت كثيراً البارحة. بكت وناحت، لم تتماسك. ترك البيت كأنّه في مأتم. الابن الأكبر نام عندهم، وابنته أتت في السابعة صباحاً، وابنه الآخر عاد من دبي كي يراه، وصل بعد منتصف اللّيل. الصغير المدلَّل في تركيّا في رحلةٍ سياحيّة. لم يخبروه. ولم يخبر أحداً خارج العائلة. معظم الوزراء وقادة الأجهزة الأمنيّة وكبار المسؤولين عرفوا بالأمر. «لك حتّى بهالوقت رحت لعندها؟». صاحَت بحقدٍ وقرفٍ وخزيٍ وخيبة. لم يفهم الأولاد حزن الأمّ. اعتقدوا أنّ الأب سيسجن بالتأكيد، أو أنّها خائفة، أو حزينةٌ لضياع «العزوة» والمكانة. لم تشرح لهم. هذه المرّة الأولى في حياتهما المشتركة الطويلة التي تنفجر فيها في وجهه. اختارَت أسوأ توقيت. لم يتوقّع ذلك، ولم يتفاعل. لم يردّ عليها. في دقيقتين فقط، صبّت كلّ ما يعتمل في قلبها في وجهه. لم يقاوم، لم يكذب كما يفعل دوماً. تعرف كلّ شيء، إذن: تعرف عنوان البيت الذي استأجره كي يرى ندى، وتعرف شكل ندى وعمرها ووظيفتها وأهلها، وتعرف متى التقيا وكيف، وتعرف أخبار سفرهما إلى بيروت وإسطنبول ودبي. تعرف كلّ شيء. تركها بعد أن شتمت ندى، وشتمته. لم تشتمه مباشرةً، لا تجرؤ. ولكنّها قالت: «والله ما بتستاهل الواحد يضل معك». بقيت هذه الجملة في ذهنه تتردَّد. صفاء، زوجته اللطيفة الهادئة، التي أحبَّها، وما زال يحبُّها، انفجرت في وجهه في أسوأ أزمة. الله يسامحك، يا صفاء. عيبها الوحيد أنّها تعامل كلّ زوجات الأبناء بطريقةٍ مريعة. تضطهدهنَّ وتجعل حياتهنَّ جحيماً. لم يفهم ذلك، ولم يحاول أن يفهم. هو يعامل الجميع بمساواةٍ ولطف. لا يهتمُّ كثيراً بمشاكلهم الصغيرة. يحلُّها كلُّها المال، والزمن. صفاء هذه عاشت على «بصلة وخبزة»، كما يقول الناس، أيّام الشباب. تذكَّر، بحزن، فرحتهما الشديدة عندما اشتريا أوّل جهاز تسجيل، ومعه أربعة ألبومات، أهداهم إيّاها عمُّها: فيروز وعبد الحليم وفريد الأطرش، و«ألف ليلة» لأمّ كلثوم. كانت هذه أغنيتهما المفضّلة. «هو العمر إيه غير ليلة زي اللّيلة؟». كان ذلك في بداية الثمانينيّات، قبل أن يكبر الكرش. يُطبطب عليه بمودّة. وزيرنا من القلائل الذين يحافظون على عاداتٍ رياضية. أتاح له ذلك علاقاتٍ مع بعض ضبّاط المخابرات المواظبين مثله، في النادي الذي يرتادونه سويَّة. أداؤه الجنسيُّ جيّدٌ جدّاً، وحتّى مع صفاء حافظا على علاقةٍ حميمة. أحياناً يلجأ إلى الفياغرا. معظم أصدقائه بهتت علاقاتهم الجنسيّة مع الزوجات، أو ماتت تماماً، بعد الخمسين. وزيرنا سعيدٌ بقدراته. صفاء نفسها تستجيب دوماً، بل وتبادر. محظوظٌ هو بصفاء هذه. لماذا لم يُراعِها؟ الوزارة، والمسؤوليّات، والأشغال. لم يبخل عليها يوماً، بل يباهي بأنّه يبادر لشراء كلّ ما تحتاج إليه وما لا تحتاج إليه. يتذمّرُ منها أمام الناس، أحياناً. أجل، يجب أن تعرف أنّه يضع حدوداً لمصاريفها. ما الذي حدث إذن؟ لماذا انفجرَت بهذه الطريقة؟ يهزُّ رأسه. كانت تريده أن يكون معها في هذه الأوقات، أن يكون مع العائلة. ولكنّه لم يستطع. احتاج إلى وقتٍ قصيرٍ مع ندوش. سيُعوِّض صفاء ما إن تنزاح غمامة التحقيق هذه. يُربِّت على كرشه الصغير. يتذكَّر البلد في نهاية السبعينيّات، قبل ظهور الكرش. كانت هادئةً مسالمةً لطيفة. قضى عمره في شوارعها ومطاعمها ومقاهيها. خصوصاً مقاهي الربوة؛ «أبو شفيق» و «العجلوني». اعتاد الذهاب إلى بلودان كلّ يوم جمعة، مع الأصدقاء وعوائلهم. «مورا» و«أبو زيد»، أو «ضوء القمر» و«فينيقيا» على الطريق. كلُّ شيءٍ تغيّر اليوم. يفتقد بساطة تلك الأيّام. كان يدندن في العجلوني يوميّاً لعقودٍ «يا مايلة ع الغصن». يسحره المقطع القائل: «والـــرمــل مــا يـنـعـجــن والـشــوك مــا يـنـــــداس». لم يفهم بالضبط ما يعنيه هذا. ولكنّه يشعر أنّها تقول كلّ ما يمكن قوله عن الناس. غنّاها لندى قبل أسابيع، «يا حلوة سبيتينا. يـا ربّ يــغـيــب الــقمـر وأقــضـــي أنــــا مُـــرادي». تضحك ندى وتقهقه. هو أيضاً تغيّر كثيراً، وتغيّرت البلد كلّها. منذ تولّيه الوزارة لم يسبح. ولم يذهب إلى مقاهي الربوة. يتذكَّر فجأةً الارتباك في الوزارة. أولئك الذين سيشمتون، وأولئك الذين سيفتقدونه. يتنهّد بملل. كلُّ المعارك التي خاضها في حياته، مع أعداء مرئيّين، وغير مرئيّين، وصلت إلى نهايتها: لا مستقبل أبعد للرجُل. الوزارة خاتمة المطاف. صارع ضبّاطاً ومسؤولين في الحزب وفي المنظَّمات الشعبيّة وفي غرف التجارة، وتحالف مع أمثالهم. انتهى كلُّ ذلك الآن. لو كُتِبت له السلامة، سيتبرّع بمبلغٍ كبيرٍ لدار الأيتام التي يدعمها. سيتفرّغ للتجارة، وسيقتصر على شراكته في وكالة الموبايلات، والمطعم في وادي النصارى، وتأجير العقارات التي يملكها. قال له أبو النور صراحةً إنّه يجب أن يُلملم نفسه، ويختفي فترةً طويلةً بعد الوزارة، أو إلى الأبد. لا يحبُّ الناس العاديُّون، ولا «من هم فوق»، أولئك الذي يُكدِّسون المال ويتباهون به، بحسب «أبو شادي».  كلامه صحيح. عرقٌ بارد. اقترَبوا من الفرع. شارع الخطيب مزدحمٌ بالناس. يدعو الله أن يحمي أولاده. يدعوه أن يسامحه ويغفر له. يدعو أيضاً للبلد بأكمله أن يتخلَّص من الخوف والذعر، من التعذيب في الأقبية. لا أحد يستحقُّ هذا المصير. يمتلئ قلبه بشعورٍ غامضٍ بالأخوّة الإنسانيّة. ثمّ يجتاحه رعبٌ غريزيٌّ يكاد يعجز عن السيطرة عليه. لن يتحمّل الإهانة. في هذا العمر! وصلنا. العسكري على البوّابة يطلب منه اسمه. أجل. العقيد ينتظرك. يدخلون. ينزل السائق ليفتح له الباب. شمسٌ ساطعة. توقّفَ المطر الخفيف، وخفتت الريح تماماً. يتنهّد. يتردّد عشر ثوان، ثمَّ فجأة يستعيد معظم رباطة جأشه. يعبس، وينزل من السيّارة. يصعد الدرج بثقةٍ خفيفةٍ متضعضعة.

هناك، في الداخل، يعرف شخصٌ واحدٌ مصير الوزير، وينتظره بصبر، وملل، وبرغبةٍ خبيثةٍ في العبث به قليلاً، قبل أن يخبره بالقرار الذي سيُحدِّد مستقبله، وقد اتّخذه ثلاثة أشخاصٍ سريعاً، قبل يومين، في محادثةٍ هاتفيّةٍ لم تستغرق أكثر من ثلاث دقائق.

 

النسخة الإنجليزية.

 

عدي الزعبي كاتب قصص قصيرة ومترجم سوري. حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة إيست أنجليا. نشر عددًا من المجموعات القصصية، منها: «نصف ابتسامة» (2022)، «كتاب الحكمة والسذاجة» (2019)، «نوافذ» (2017)، «الصمت» (2015)، بالإضافة إلى ترجمة عدد من مقالات ونصوص جورج أورويل وبرتراند راسل ونعوم تشومسكي.

آلهة بعشر أذرععدي الزعبي

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Become a Member