هاشم وسارة في البودكاست الحميم "بث يا هاشم"

4 فبراير، 2024
بودكاست شهير في منطقة سوانا، تستضيف وتنتج "بث يا هاشم"  سارة الدايخ من برلين وهاشم من عمان. عنوان البودكاست هو تلاعب بالكلمات لأن صوت "الثاء" في كلمة "بث" صعب النطق باللهجة المصرية، تنطق الكلمة "بس" ما يعني طلب السكوت أو التوقف.

 

محمد ربيع

 

منذ سنوات عديدة، كنت عضوًا في مجموعة سرية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، لنسميها: "أ س م" ASM ، لا أذكر بالصبط كيف دخلتُ إلى المجموعة، على الأغلب من خلال أحد الأصدقاء، كانت الأيام الأولى استكشاف لما يكتب أو ينشر هناك، بعد ذلك شاركتُ على المجموعة الكثير من الأخبار والمنشورات، ثم أصبحت العلاقة أقوى مع أعضاء المجموعة، ثم التقينا في العالم الحقيقي. لم يكن هناك حدود لما نقوله أو ننشره هناك، كانت المجموعة، ولقاءاتنا خارجها، مثالًا لغياب القيود وللحرية الكاملة. شاركنا في حفلات صاخبة ضاحكة بعيدًا عن جو القاهرة الكئيب معظم الوقت، وشاركنا في دعم الأعضاء عند مرورهم بأزمات صحية أو وفاة أحد أقاربهم، تعرفنا أيضًا إلى بعضنا البعض، أذكر أن هناك زواج واحد وارتباط جاد حدثا بين أفراد المجموعة، بالإضافة إلى علاقات عابرة لم أعرف عنها الكثير.

من هناك تعرفت إلى هاشم، وتابعت أعماله البصرية والموسيقية، في البداية اندهشت لغرابتها واختلافها عن الأعمال المنتشرة حينها، ثم طورت لاحقًا إعجابًا بأصالتها وتميزها. أذكر أننا قضينا وقتًا ممتعًا عند كل لقاء لنا. ثم تعرفت إلى سارة الدايخ في إحدى الزيارات إلى بيت هاشم، وتطورت صداقتنا كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية.

هاشم وسارة يسجلان بودكاست "بث يا هاشم" من عمَّان وبرلين، تعجبني الجرأة في تناول موضوعات تتصل بالعلاقات بين الناس، التي يبدو أنها صارت الآن أكثر تعقيدًا مما سبق، يعجبني بناء البودكاست، كيف أن الحوار السلس بينهما تتخله أغاني ذات صلة بموضوع الحلقة، وكيف يحمل الحوار ضحكات وحميمية لا أجدها في أي بودكاست آخر من التي أسمعها.

طلبت من كل منهما أن يعرف بالبودكاست لمجلة المركز، ولأن كل منهما لا يحب الكتابة، لكن يعشق الراديو والحديث، بعث كل منهما رسالة صوتية يعبران فيهما عن رؤيتهما للبودكاست، في السطور التالية تفريغ لكلام كل منهما.

هاشم

مبدئيًا، أنا هاشم، منتج موسيقي وفنان بصري ومقدم برنامج "بث يا هاشم"، أنا شخصيًا لما عملت البرنامج كنت شايفه برنامج راديو، لإني ماكنتش فاهم فكرة البودكاست. بدأت فكرة "بث يا هاشم" في 2020 وقت الكوفيد، وبدأ بث البرنامج عن طريق راديو على الانترنت في عمَّان، كان مجرد مشروع تجريبي مش برنامج راديو دائم، كان اسمه "ميكرو راديو"، وبعدين مشروع "ميكرو راديو" وقف بعد كام حلقة، ودا عمل تطور في "بث يا هاشم".

لما بدأت البرنامج كنت شايف إنه برنامج شخصي، عن المزيكا اللي باسمعها وسمعتها وإزاي أثرت عليا، ودا كان الموسم الأول اللي كان مع "مايكرو راديو"، بعد ما قفل الشباب في "راديو الحارة" كانوا مهتمين إني أكمل البرنامج عندهم، فبدأت معاهم الموسم الثاني، بدأت أعمل مقابلات، كل حلقة مع حد مختلف، ناس عرفتها أثناء الكوفيد، وبرضه كان الكلام عن مواضيع شخصية، شخصية بالنسبة ليا أو الضيف، الموسم الثاني كان كله حلقات مع ضيوف، منهم سارة، ومنهم ناس أعرفها من قبل كوفيد. كنا بنتكلم عن المزيكا اللي أثرت على الضيف وعن ذكرياته عنها، والمزيكا اللي كانت بتتعرض في كل حلقة كانت من اختيارات الضيف.

بعد كدا بدأت أزهق شوية، وعرضت على سارة إنها مش تبقى بس ضيفة لكن تبقى مشاركة في تقديم البرناج. أنا باحب أشتغل بشكل عشوائي، مارتبش أي شيء، باسجل بدون كتابة أو تحضير، لكن سارة بتحب تحضر وترتب أكتر لإن حياتها فيها شغل ومواعيد كتير. فبدأت أرتب وأحضر شوية شوية عشان تبقى الأمور أسهل أو أوضح ليها وليا، نقرر قبل معاد الحلقة بكام يوم إنها تكون عن كذا وكذا، الثيم بيكون عام، عن الصداقة مثلًا أو عن النوايا الحسنة، ومش بنكون محضرين كل اللي هانقوله، وبنبتدي نتكلم، كتير من الحلقات بنبدأ نتكلم عن الصداقة مثلًا وبينتهي بإننا بنتكلم عن مليون حاجة.

البرنامج بقى شخصي جدًا بالنسبة ليا ولسارة، إحنا بنتكلم عن مواضيع اجتماعية بحتة، وبتنعكس على إحنا بنشوف المواضيع دي إزاي وأفكارنا عنها، أو بنتكلم عن قصة سمعناها عن الموضوع نفسه من أحد الأصدقاء بشكل شخصي، ودي فكرتي عن البرنامج من الأول.

الموسم التالت هانبتدي فيه قريب مع سارة وهايكون فيه ثيم لكل حلقة، حاليًا إحنا متوقفين من شهر يوليو، لإن أنا كان عندي شغل، وفي البريك حصلت الحرب في غزة ومن ساعتها أنا قررت إن الأفضل نوقف البرنامج شوية، وهانرجع قريبًا لما الوضع يستقر.

ولإن البرنامج شخصي فحتى الفورمات بتفضل تتغير، وماعنديش مانع تتغير تاني وتالت ورابع طول ما أنا حاسس إني باتكلم عن مواضيع عايز أشاركها مع الناس اللي باحبها، أخيرًا، "بث يا هاشم" برنامج راديو اجتماعي شخصي.

سارة الدايخ

البودكاست بدأ مع هاشم، أنا أول مرة كنت ضيفة لإن كل حلقة فيها ضيف مختلف، وأول حلقة كانت بس عبارة عن مجموعة أغاني أنا اخترتها، واتكلمت عن ذكرياتي مع كل أغنية، ولما لقينا إن في كمستري بينا قررنا نبقى مشاركين، وأصبحت كل حلقة ليها موضوع معين مرتبط بتجاربنا الشخصية، وكمان فيه شوية تنظير من كتب أو مقالات قريناها، أو من شغلنا عن موضوع الحلقة، مثلا لما نختار موظوع زي "الغيرة" أو "العشق الممنوع" بنحكي تجارب مرينا بيها أو مر بيها ناس بنعرفها، وبنختار أغاني مرتبطة بالموضوع. كانت الحلقات بتتعرض على "راديو الحارة" كل اسبوعين يوم الاتنين بالليل، وقفنا لأساب شخصية وبعدين ابتدت أحداث غزة، بس نتمنى نكمل. أنا شايفه إن البرنامج شخصي جدًا، ودا اللي بيخليه يلمس ناس كتير.

لإن أنا وهاشم عايشين في بلدين مختلفين، فإحنا بنسجل على "سكايب" ومش بنستخدم الكاميرا، وكإننا في حلقة اعتراف في الكنيسة وأوقات بننسى غن الناس هاتسمعى دا ودا كويس لغننا بيخلينا نتكلم أكتر ونفشى عن معلومات شخصية أكتر. أكتر حلقات عجبت الناس هي الحلقات اللي بنتلك بشكل شخصي فيها لإن دا بيسمح للناس تحس إنها لوحدها وإن مافيش خجل في اللي مروا بيه ودا جزء من تجربة الحياة، ودا أكتر شيء بيأثر في النا من البودكاست.


بعد سنوات من التواصل مستمر بين أعضاء المجموعة السرية تغير الوضع كثيرًا، ابتعد الكثير من الأعضاء، اختفوا أو غادروا المجموعة أو انشغلوا بالحياة والعمل، لاحظت أيضًا أن الكثيرين منا اتجهوا للعمل في الفن أو التصوير أو الكتابة، وأن أغلب أفراد المجموعة غادروا مصر واستقروا في الخارج. بالطبع، مثلما يحدث في المجموعات المغلقة، قاطع البعض أفرادًا بعينهم، أو مجموعات بعينها، أذكر أن المجموعة نفسها انقسمت إلى مجموعتين في فترة ما، ورافق ذلك الكثير من الحزن وأحيانًا الغضب. هناك العديد منهم لم أكلمهم منذ مدة، مع أنني إن قابلتهم مصادفة أستمتع بالحديث معهم، وقلة لم أعد أتواصل معها باختياري.
ستظل المجموعة مصدرًا للذكرات الممتعة دائمًا، وتجربة إنسانية فريدة، عن مجموعة من الأشخاص الذين تشاركوا آراءهم الحرة والجريئة، ثم سار كل منهم في طريقه.

 

محمد ربيع كاتب ومحرر ولد في القاهرة عام 1978. نشر أربع روايات باللغة العربية، كوكب عنبر، عام التنين، عطارد وتاريخ آلهة مصر. ترجم روبن موجر رواية عطارد إلى الإنجليزية، والتي تم ترشيحها للجائزة الدولية للرواية العربية في العام 2016. عمل ربيع محررًا في دار التنوير للنشر في القاهرة (2013-2018) ودار الكرمة للنشر في القاهرة (2018-2020). يدير حاليًا مكتبة خان الجنوب العربية في برلين، والتي شارك في تأسيسها في العام 2020.

بودكاست عمانالعربيالمواهب العربيةبودكاست برلين

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *