تذهب مصورة الحياة الواقعية الاجتماعية إلى آخر الدنيا فتجد نفسها.
النص والصور الفوتوغرافية لطهمينة مونزافي
كطالبة تدرس التصوير الفوتوغرافي في منتصف العام 2000، كنت ألتقط صورًا لما كان يحدث في شوارع إيران. كان لهذا أهمية أكبر بالنسبة إلي من المنهج الذي كنت أدرسه في الجامعة، الذي أظهر للطلاب كيفية تصوير الطبيعة والزهور.
في وقت مبكر كنت أعرف أنني لن أكسب الكثير من برنامج التصوير الجامعي المتحجر، الذي قدم فقط إجابات تقليدية عن الأسئلة تمت صياغتها بالفعل. كان تركيزي على ما لم تتم الإجابة عنه بعد.
أردت أن أصبح مصورة توثق القضايا الاجتماعية، وليس مجرد شخص يعرف كيفية تشغيل الكاميرا بشكل صحيح. كانت الفرص المحدودة للمصورات في بلدي إيران والبيئة التي يهيمن عليها الذكور تقلقني كثيرًا.
عملت لمدة ثلاث سنوات على مشروعي الأول، عرائس مخبر الدولة. لم تشكل سلسلة الصور ممارستي فحسب، بل أصبحت أكثر أعمالي تأثيرًا.
كنت مفتونة بحقيقة أن الرجال يخيطون غالبية فساتين الزفاف في إيران. خلقت البيئة الرجالية لورش الزفاف هذه الفساتين الأكثر أنوثة. كانت الروح، جنبًا إلى جنب مع ضوضاء الخلفية الآتية من راديو قديم، وضحك الأولاد الصغار العاملين في صناعة الملابس، وصوت مقص رجلٍ يقص الحرير، سريالية.
في نفس الوقت كنت أعمل على مشروع آخر. في العام 2008، كلفتني مجلة بتصوير مدمني المخدرات الذكور في الأحياء المنهارة والخشنة في جنوب طهران. قادني بحثي إلى ملجأ في زقاق حديقة العنب. يضم الملجأ نساء بلا مأوى من جميع أنحاء العالم.
معظمهن، أيضًا، كن مدمنات على المخدرات. ومن خلال جهود المنظمات الخيرية الخاصة، تم إبعاد هؤلاء النساء عن الشوارع وحصلن على الطعام والدواء والسكن والملابس. ما يثلج الصدر ويبعث على التشجيع أن نسمع قصصًا عن نساء نجحن في الإقلاع عن إدمانهن ووجدن ملاذًا آمنًا في المجتمع.
قضيت ثلاث سنوات في زقاق حديقة العنب، وزرت المكان بشكل متقطع حتى العام 2016 بسبب شخص رائع قابلته هناك.
كانت تينا متحولة جنسيًا. كانت قد غادرت المنزل في سن الخامسة عشرة لأن عائلتها لم تقبل هويتها الجنسية. غير مرحب بها في عائلتها والمجتمع ككل، عاشت لسنوات عديدة واقعًا وهميًا شكلته المخدرات.
لم ينه اعتقالها وعامين لاحقين في السجن إدمانها فحسب، بل كان الدافع الذي احتاجته لبدء حياتها. كان المجتمع الصغير في الملجأ هو المكان الأول الذي وصفته بالمنزل بعد سنوات عديدة من النضال.
في سن الرابعة والأربعين كانت تعيش بشكل مستقل في غرفة مع كلبها، في انتظار أيام مقبلة أكثر إشراقًا. لسوء الحظ، لم تأتي تلك الأيام قط. في أوائل العام 2020 توفيت عن عمر يناهز الخمسين عامًا.
في العام 2012، خلال مناخ سياسي شديد الحساسية والاكتئاب في إيران، تم اعتقالي. أمضيت شهرًا في السجن، علقت الصدمة التي أعقبت اعتقالي وسجني ممارستي للتصوير الفوتوغرافي لمدة عامين.
جعلني تأثير هذه الفجوة الطويلة أفقد أعصابي كمصورة وثائقية. ما زلت أبحث عن منطقة راحة، لفترة من الوقت كنت أقوم بتجهيز لقطات بعينها وأصورها.
ثم بين عامي 2019 و 2022 اشتعل اهتمامي وشغفي وتجربتي من خلال الحياة اليومية للإيرانيين في أجزاء مختلفة من البلد. ركز هذا العمل على أدوار المرأة في المناطق الحضرية والريفية، وخاصة في المقاطعات الساحلية للخليج الفارسي، بما في ذلك سيستان وبلوشستان.
اهتممت بجوانب مختلفة من الحياة في مجتمع إيراني أفريقي. تم جلب الناس، المعروفين باسم الزانج، قسرًا إلى إيران من قبل تجار الرقيق العرب قبل القرن التاسع عشر، من جنوب شرق أفريقيا والبلدان الحديثة في تنزانيا وموزمبيق. على الساحل الجنوبي لإيران، تبنى الزانجيون لغة المنطقة ولهجتها ودينها. حتى قبل نصف قرن، كان أقدم أعضاء مجتمعهم لا يزالون يتذكرون كيف وصلوا إلى هناك، وهي قصص نسيتها الأجيال اللاحقة. لكن ما لم يُنس، التذكارات الثقافية التي حملتها عائلاتهم معها من أفريقيا، والتي لا يزال لها تأثير كبير على ثقافة المنطقة الساحلية الجنوبية لإيران. تلعب النساء أيضا دورًا بارزًا في احتفالاتهن.
كنت قد بدأت أيضا سلسلة "حياة أمامك" عن بحيرة هامون، المعروفة أيضًا باسم واحة هامون، بحيرة موسمية حولها أراضي رطبة تقع في محافظة سيستان وبلوشستان. كانت ذات يوم ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في إيران، في العقدين الماضيين أصبحت جافة تقريبًا على مدار السنة. أجبر جزء كبير من السكان الذين كانوا يعتمدون في السابق على مياه البحيرة على الفرار إلى المدن القريبة والبعيدة.
خلال فترة وجودي هناك، شهدت بحيرة هامون وضواحيها واحدة من أشد فترات الجفاف. بدأت هذه الفترات في أوائل خمسينيات القرن العشرين، عندما منع بناء سد على نهر هلمند في أفغانستان ذوبان الثلوج من هندو كوش من الوصول إلى البحيرة والأراضي الرطبة. وصل تغيير مجرى المياه والجفاف إلى ذروته في العام 1998 عندما نفقت الحيوانات وماتت المحاصيل، وأغلقت مصايد الأسماك. تم دفن ما يقرب من 100 بلدة تحت العواصف الرملية.
عادة ما يعيش السكان الرحل في المنطقة بالقرب من الماء. ومع ذلك، اضطر الكثيرون إلى الانتقال بسبب حالة البحيرة. واجه أولئك الذين بقوا تحديات كبيرة ناجمة عن نقص الموارد التي يعتمدون عليها في بقائهم على قيد الحياة. لمدة ثلاث سنوات عشت بينهم ودرست تقاليدهم الشفهية.
في وسط البحيرة، تشكلت الحمم البازلتية على شكل شبه منحرف، جبل خواجة، موطن معابد النار والقلاع خلال إمبراطوريتي أشكانيد (247 قبل الميلاد - 224 م) والساسانية (224-651 م). اعتبر الزرادشتيون البحيرة مقدسة. كان المكان الذي سيولد فيه ساوشيانت (المخلص الموعود) من جديد.
عندما بدأت العمل ذكرني التصوير الفوتوغرافي للطبيعة كثيرًا بمناهجي الدراسية المعتمدة من جامعة طهران. ولكن مثل الكثير من الناس حول العالم، تغيرت علاقتي بالطبيعة أثناء جائحة الكورونا، عندما واجهنا جميعًا تحولًا حادًا في أنماط حياتنا. كانت السنوات الأكثر تحديًا في مسيرتي المهنية هي 2020-2022.
شعرت بالرغبة في الهروب من الإنسانية. أخذني مشروعي التالي إلى مكان غير مأهول بالبشر. صحراء لوط أو "دشت لوت" التي تعني "السهل الفارغ" باللغة الفارسية هي 20000 ميل مربع من الرمال والتكوينات الصخرية الخيالية في جنوب شرق إيران. في العام 2005 وفقًا لبيانات الأقمار الصناعية التابعة لناسا لدرجة حرارة سطح الأرض ، سجلت صحراء لوط أعلى درجة حرارة على سطح الأرض؛ 70.7 درجة مئوية (159.26 درجة فهرنهايت).
ذكرتني كثبانها الرملية، ومواضع الرمال المتحركة، وتضاريس الحرافيش (كالوتس أو "جبال رملية" باللغة الفارسية)، والأرصفة الصحراوية، والأراضي ذات التربة المسطحة المالحة هائلة المساحة، كلها ذكرتني بشكل جسد المرأة وشكل الأرض. لمست بعينيَّ سيمفونية من الصور. كانت صحراء لوط المكان الذي وجدت فيه العزاء.
قبل ذلك لم أكن قد التقطت صورًا للطبيعة والمناظر الطبيعية. ومع ذلك، مكنني هذا المشروع من إضافة منظور ومعنى جديد لعملي. لقد أعطاني فهمًا أعمق لإصراري ودوافعي.
تم اقتباس هذا المقال من حديث مصور شاركت في المصورة في Photo London ، لحلقة النقاش: "أرضنا: طهمينة مونزافي وباباك كاظمي وبارغول إي نالو يشاركون عملهم المتجذر في وطنهم"، أدارها فالي مخلوجي، سومرست هاوس، لندن، 10 مايو 2023.
