ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺘﺒﻊ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮﻓﻴﺔ، ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺣﺘﻰ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ، ﻳﻐﻮﺹ ﺍﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ المتغيرة، ﻭﺗﻜﻴﻔﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺓ. ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻳﺪﺭﺱ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﻤﻠﻚ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺠﻨﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻣﻊ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻬﻬﺎ.
ﺭﺍﺟﺮﻭﺑﺎ ﺩﺍﺱ
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﺮﺩﺩ، ﻗﺮﺭﺕ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ، ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺡ ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻟﻢ أعرف ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ عنه، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
ﻛﺎﻥ ﻓﻬﻤﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ضئيلًا. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺅﻳﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﺇﺧﻼﺹ، ﻭأعرف ﻧﻀﺎﻝ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻭﺷﺪﺍﺋﺪﻫﻢ ﻭﻅﺮﻭﻓﻬﻢ ﺍﻟﻼﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺆﺛﺮﺓ عليَّ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ. ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ، ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻱ، ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إليَّ ﺃﻥ ﺃﻛﺘﺐ مقالًا ﻋﻦ قطعة ملابس أصبحت رمزًا ﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻭﺻﻤﻮﺩﻫﻢ ﻭﺁﻣﺎﻟﻬﻢ ﻭﺃﺣﻼﻣﻬﻢ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺷﺮﺍﻗًﺎ.
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ، ﻭﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻠﺪﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻟﻤﺪﺓ ﻗﺮﻧﻴﻦ ﺗﺤﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ، الذي تمثل في ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ، ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻲ، ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﺃﻣﺘﻠﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺠﺎﺭﺑﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ شكَّلها ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ. ﻟﻘﺪ ﻣﻨﺤﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﻠﻤﻀﻲ قدمًا ﻭﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ.
ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ «ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ» ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ صورًا ﻟﻤﻨﺪﻳﻞ ﻣﺨﻄﻂ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻳﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻋﻨﺎﻗﻬﻢ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﻅﻠﺖ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﻤﺔ ﻧﺴﺒﻴًﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺏ. ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ، ﺟﺪﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺝ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ، ﻭﺑﺮﺯ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﻬﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﺷﻬﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻣﺤﻮﺭﻳﺔ، ﻭﺃﺛﺎﺭ ﺍﻟﺠﺪﻝ، ﻭﻏﻠﻒ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ. ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ، ﺳﻨﻘﺪﻡ تاريخصا موجزًا ﻭﻧﺴﺘﻜﺸﻒ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺣﺠﺞ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻁﺮﺡ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﺔ.
ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻗﺼﺔ «ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ» ﻟﻴﺴﺖ ﻗﺼﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ، ﻭﻻ ﺣﺘﻰ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ. ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺟﺬﻭﺭ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺗﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ. ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻛﻠﻤﺔ «ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ» ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﺗﻌﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻁﺔ «ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ».
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ، ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺭﺟﺎﻉ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ (ﺣﻮﺍﻟﻲ 3100 ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ)، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ قرب ﻧﻈﺎﻡ ﻧﻬﺮﻱ ﺩﺟﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ. ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﻭﻱ انتقلت ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.
ﻣﻊ ﺟﺬﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﻓﺈﻥ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻍ، ﻳﺤﻤﻞ ﻓﺮﻭﻗًﺎ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ. ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﺴﻮﻣﺮﻳﻴﻦ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﺤﻤﻮﺍ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺍﻟﺤﺎﺭﻗﺔ، ﻭﺿﻌﻮﺍ – ﻛﺤﻞ ﺑﺎﺭﻉ – ﺷﺒﻜﺔ ﺻﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ، وطوروها ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﻄﺎء ﺭﺃﺱ ﻣﻤﻴﺰ ﻳﺤﻤﻞ اسمًا فريدًا خاصًا ﺑﻪ.
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺸﻤﺎﻍ، ﺑﺘﺼﻤﻴﻤﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺎﺛﻞ ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ، ﻭﺧﻄﻮﻁ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﻭﺃﺻﺪﺍﻑ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ، ﺗﻌﻮﻳﺬﺓ، ﻳُﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺪﺭء ﺍﻟﺸﺮ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﺑﺄﺻﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ. ﺍﺭﺗﺪﻯ ﻻﺣﻘًﺎ ﺍﻟﻜﻬﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻳﻦ ارتدوا ﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎء ﻭﺷﺒﻜﺔ ﺳﻮﺩﺍء ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺻﻮﻑ ﺍﻷﻏﻨﺎﻡ ﺗﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﺷﺒﻜﺔ ﺻﻴﺪ، ﺍﻧﺪﻣﺞ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻫﺬﺍ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴًﺎ ﻣﻊ «ﺍﻟﻴﺸﻤﺎﻍ»، ﺍﻻﺳﻢ ﺑﺎﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ.
ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺍﻟﻴﺎﺷﻤﺎﻍ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺯﻳًﺎ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻖ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻬﺎ. ﻭﺃﺻﺒﺢ جزءًا ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻭﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﺍﺭﺗﺪﺕ ﻛﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻣﻊ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻬﺎ ﻭﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺗﻬﺎ. ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﺣﺘﻰ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ واللغات ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻤﺎﻍ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ، ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ أيضًا ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻴﺸﻤﺎﻍ ﻭﺍﻟﻐﺘﺮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺪﺍﻧﻲ، ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻐﻨﻲ متجاوزًا ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺒﺢ رمزًا ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1930.
ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻋﻤﺮﻩ ﻗﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ
ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻦ ﻭﺍﻟﺼﻮﻑ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﺪﻳﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﻭ ﻭﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﻮﻥ ﻟﺘﺼﺒﺢ رمزًا ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺍﻟﻤﺘﺄﺻﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ.
ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﺑﻮﻗﺖ ﻁﻮﻳﻞ. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺍﻋﺘﻨﻖ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻷﺛﺮﻳﺎء ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ رموزًا عثمانية ﻣﺜﻞ الطربوش، ﻓﻀﻞ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻔﻴﺎﺕ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ. ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ في ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻟﻺﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺍﻷﺻﻴﻞ، ﻭﺗﻤﻴﻴﺰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ «ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ» ﺩﺍﺧﻞ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﻻﺣﻘًﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺷﻬﺪﺕ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺗﺤﻮﻻﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺃﺭﺳﺖ ﺍﻷﺳﺎﺱ للهوية ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻠﻨﺴﻴﺞ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ. ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1930 أثناء ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﺑﺮﺯﺕ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻛﺮﻣﺰ ﻭﻁﻨﻲ ﻣﻮﺣﺪ، ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻞ الطربوش ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺑﺪﻋﻢ ﻭﺍﺳﻊ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ. ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺃﺻﺒﺤﺖ رمزًا ﻗﻮﻳًﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ. ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ ﻣﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻣﻌﺮﻭﻓﻴﻦ ﺑﺎﺳﻢ “ﺍﻟﻔﺪﺍﺋﻴﻴﻦ”، ﻭﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻖ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ، ﺍﺭﺗﺪﻭﺍ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ واضح ﺧﻼﻝ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ، ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ. ﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﺭﺗﺪﻯ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ. ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺇﺧﻔﺎء ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺗﺴﻬﻴﻞ ﺍﻧﺪﻣﺎﺟﻬﻢ ﺍﻟﺴﻠﺲ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1948ﻭﺗﻬﺠﻴﺮ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻻﺣﻘًﺎ، ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﺳﻮء ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﻋﺪ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ. ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﺪﻳﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻘﻮﺍ رمزًا ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. ﻓﻲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺟﻮﻥ ﻛﻠﻮﺏ قرارًا ﺗﻌﺴﻔﻴًﺎ ﺑﺎﺭﺗﺪﺍء ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ، ﻭﺗﻤﻴﻴﺰﻫﻢ ﻋﻦ ﻧﻈﺮﺍﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﺪﻭﻥ ﺍﻟﺸﻤﺎﻍ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻴﻠﻖ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﻋﺰﺯ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ تميزًا ﺑﺼﺮﻳًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻴﺘﻪ.
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧﻪ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺗﻢ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺸﺮﻕ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺑﺎﻟﻠﻮﻧﻴﻦ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ُﺳﻤﻲ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻤﺎﻍ، ﻓﻲ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﻘﻄﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻲ ﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺸﺮﻁﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ. ﻭﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ أيضًا.
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﻈﺮﺕ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ (1967 – 1993) ﺧﻀﻌﺖ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤﻮﻝ، ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻦ. ﻭﻗﺪ ﺑﺮﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻳﺎﺳﺮ ﻋﺮﻓﺎﺕ، ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻮﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﻋﺮﻓﺖ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻣﺜﻞ ﺭﺋﻴﺲ ﺟﻨﻮﺏ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻧﻴﻠﺴﻮﻥ ﻣﺎﻧﺪﻳﻼ ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻜﻮﺑﻲ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻓﻴﺪﻝ ﻛﺎﺳﺘﺮﻭ، ﺑﺎﺭﺗﺪﺍء ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻛﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ.
ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ: ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻣﺰ ﺍﺣﺘﻀﻨﻪ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻮﻥ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ. ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ تمثيًا بديعًا ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺾ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺧﻼﻝ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻁﻮﺍﻝ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1969 نبهت ﻟﻴﻠﻰ ﺧﺎﻟﺪ، وهي لاجئة فلسطينية ومقاتلة، الوعي الغربي بصورة ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ، ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺸﺮﺕ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ صورًا لها أثناء عملية اختطاف طائرة تي دبليو إيه، ﻭﻫﻲ ﺗﻠﻮﺡ ﺑﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﻛﻼﺷﻴﻨﻜﻮﻑ ﻭﺗﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ، ﺗﻢ ﺗﺤﺪﻱ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺠﻨﺪﺭﻱ ﻟﻠﻜﻮﻓﻴﺔ. ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻘﺘﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ المناضلين ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺎ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻅﻬﺮﺕ ﻛﺈﻛﺴﺴﻮﺍﺭ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎء.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺪﻳﻞ، ﻭﻫﻮ ﻏﻄﺎء ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻛﺎﻥ دائمًا اكسسوارًا ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻜﻼ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻦ، ﺍﺭﺗﺪﺍﻩ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎء ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ. ﻳﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﺳﻢ «ﺣﻄﺔ» ﻭ«ﻓﻮﻁﺔ» ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻤﺎء ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻛﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﺳﻠﻮﺏ ﺍﺭﺗﺪﺍﺋﻪ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺻُﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء، ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺿﺢ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ.
ﺍﻟﺘﻤﻠﻚ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺃﻡ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ: ﻧﻘﺎﺵ
ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺣﺪﺙ ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ. ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻟﻬﺎ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺭﻣﺰ ﺃﻛﺜﺮ اتساعًا ﻟﻠﻴﺒﺮﺍﻟﻴﺔ ﻭﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ. ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺗﺪﺍﻫﺎ ﺭﻣﻮﺯ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﻮﺏ، اكسسوارًا مميزًا ﺩﺍﺧﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﻴﺒﺴﺘﺮ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﺑﺤﻠﻮﻝ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺷُﻮﻫﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺸﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﻼﺕ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺟﻨﺒًﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﺗﻴﺸﻴﺮﺕ ﺗﺸﻲ ﺟﻴﻔﺎﺭﺍ.
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺷﻬﺪﺕ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﺯﻳﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﺳﺘﻴﻼء ﻭﺍﺳﻊ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻁﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ، ﻓﺈﻥ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺴﺴﻮﺍﺭ ﺃﺯﻳﺎء ﺷﻬﻴﺮ ﺃﺷﻌﻞ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺣﺎﺩﺓ أيضًا.
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺩﻣﺞ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺻﻴﺎﺩﻱ ﺑﻼﺩ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎء ﻓﻲ ﻭﺍﺩﻱ ﺩﺟﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﻧﻤﻂ ﺷﺒﻜﺔ ﺻﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﺑﺼﺪﺍﻩ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﻗﺸﻮﺭ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﺑﺼﻔﻮﻑ ﻣﻦ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻨﻰ كبيرًا. ﺗﺮﻣﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺤﻤﻞ، ﻭﺗﺆﺳﺲ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، ﻭﻫﻮ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﺭﻣﺰﻱ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺠﺮﻳﺌﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻷﻧﻬﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ، ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻵﻥ ﻣﻌﻨﻰ جديدًا ﻛﺮﻣﻮﺯ ﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ. ﺗﻘﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﻁﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺁﺳﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﻠﺨﺺ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ جزءًا ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.
ﺍﻣﺘﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻻﺳﺘﻴﻼء، ﻭﺗﺸﻜﻠﺖ ﻓﻲ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻻ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﻴﺔ.
ﻳﺪﻓﻊ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﺭﺗﺪﺍء ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺸﻜﻞ استيلاءً ﺛﻘﺎﻓﻴًﺎ ﺃﻭ ﻳﺤﻮﻝ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻣﺰ ﻋﺎﻟﻤﻲ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﺭ. ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻣﻦ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﻳﻮﻡ 21 ﺷﺒﺎﻁ/ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ يومًا ﺩﻭﻟﻴًﺎ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻡ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻲ ﺫﻛﺮﻯ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1952 ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺡ ﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﻁﻼﺏ ﻓﻲ ﺩﻛﺎ، ﺑﻨﻐﻼﺩﻳﺶ (ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ)، ﺧﻼﻝ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﻨﻐﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﺭﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻲ.
ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، ﻳﻘﻒ ﻣﺼﻨﻊ ﻧﺴﻴﺞ ﺍﻟﺨﻼﻭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﻞ ﻛﻤﻨﺘﺞ ﻭﺣﻴﺪ ﻟﻠﻜﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﺇﻧﺸﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. نظرًا ﻷﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺗﺤﺪﻳﺎﺕ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻳﺘﻢ ﺗﻠﺒﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ. ﻫﻞ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ؟
ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﻼ ﺧﺠﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﺑﺮﻣﻮﺯ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﺍﺓ. ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﻣﻦ ﻛﻼ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ، ﻣﻨﺬ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻛﺎﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ 7 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 2023 ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺍﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﺿﺪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﺪﻭﻥ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻧﺴﺒﻴًﺎ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ. ﻳﺜﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ سؤالًا حاسمًا، ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ: ﻫﻞ ﻳﺮﻣﺰ ﺍﻟﻤﻨﺪﻳﻞ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ ﺣﺼﺮﻳًﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ «ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎﻝ» ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺩﻳﻨﻲ ﻣﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ؟
ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ، ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍء ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﺗﺴﺎﺅﻻﺕ ﺣﻮﻝ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ. ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﻄﻴﺦ، ﻭﻫﻮ ﺭﻣﺰ ﻳﺮﺩﺩ ﺻﺪﻯ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، ﻏﺎﻣﺮﺕ ﺍﻟﻜﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ. ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺴﺒﺐ «ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻻﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻳﺔ» المتصوَّرة، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ، ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻮﺷﻢ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎء ﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﻛﺮﻣﺰ ﺗﻌﺒﻴﺮﻱ.
ﻧُﺸﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺯﻱ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ «ﻗﺼﺔ ﻛﻮﻓﻴﺔ»، ﺍﻟﺠﺰء 1ﻭ2.